أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:29

7.2 السياسة الدولية تجاه الشرق الأوسط في مرحلة الستينات

من أكثر الأمور التي اختلف عليها الروس والغرب هي السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، ليس في هذا القرن فحسب، بل مُنْذُ ما يقارب ثلاثة قرون مضت. ولكن مَعَ امتلاك السوفيت والولايات المتحدة الأمريكية للسلاح النووي اختلفت سبل أوجه الصراع للفوز بهذه المنطقة أو تلك. وقياساً لتلك الظروف فَقَدْ كان للشرق الأوسط الحظّ الأوفر من الصراع الغربي والشرقي وخاصة المنطقة العربية الشرقية. فكما تطرقنا في الأبواب الماضية من هذا البحث عن النشاط الغربي في المنطقة العربية ومدى الدعم الذي لاقته ثورة مصر من قبل الاتحاد السوفيتي عسكرياً وصناعياً ووقوفه مسانداً ضدّ العدوان الثلاثي، والدعم السوفيتي لمساندة الوحدة المصرية السورية وثوار الجزائر، كُلّ هذه الأمور مما لا شكّ فيها قَدْ كانت بإشراف مباشر من خروشوف. الذي أعلن الحرب على الغرب في كُلّ مكان وخاصة في المنطقة العربية. كي يفتح له باباً لدخول منطقة الخليج العربي التي تعتبر الشريان الحيوي للغرب وإيمانه بضرورة تحرر الشعوب من استعباد الغرب.

فالفترة التي تولى فيها خروشوف منصب سكرتارية الحزب الشيوعي السوفيتي تعتبر فترة عصيبة للغرب إذ جعل الارتباك يدب في نفوسهم داخل حدود دولهم وبين أسوار المناطق التي تعج بمصالحهم. فلذا فَقَدْ كان للغرب أولويات لابُدَ من الانتهاء منها كي تعود السيطرة على المنطقة كما كانت لهم قبل عام 1953م. وعليه فَقَدْ باشر الغرب أولاً بزرع صواريخه الاستراتيجية الذاتية الحركة في قواعده بتركيا محاصراً بذلك الاتحاد السوفيتي نووياً من حدوده مَعَ أوربا وآسيا، ثُمّ عاد مسنداً قواعده العسكرية المترامية في إيران وعمان وعدن والبحرين. وبعد أن انتهى من تقوية دفاعاته العسكرية في قواعده الواقعة في الشرق الأوسط والقريبة من الاتحاد السوفيتي راح الغرب وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا توجه كُلّ طاقاتها لرسم الخريطة السياسية للمنطقة العربية.

كان من أول أولويات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في المنطقة العربية هو العمل على إجهاض الوحدة المصرية السورية. ومن ثُمّ تحجيم دور مصر في المنطقة وجعلها دولة شرق أوسطية أكثر منها عربية. أما ثانيها فهي المحافظة على طابع العراق الشيوعي ومنعه من الإنضمام إِلى الجمهورية العربية المتحدة أو إقامة علاقات طبيعية. ويبدو إن جهود المخابرات الغربية قَدْ نجحت في إجهاض باكورة أحلام الشعب العربي في إقامة دولة عربية موحدة حرة في 28 أيلول عام 1961م. كما نجحت في إبقاء العراق وثورته بعيداً عن الجمهورية العربية المتحدة سياسياً، والمحافظة على بقاء الطابع الشيوعي المعادي للوحدة العربية فكرياً. وما أن انتهت مهمة عبد الكريم قاسم ودوره، حَتَّى بدأت المخابرات الغربية عملها في العراق لتنهي مأساتها في المنطقة الشرقية العربية، وتضمن سكون المنطقة.

ويبدو إن المخابرات الغربية لم توفي بالتزاماتها تجاه عبد الكريم قاسم الذي أغرقته بريطانيا بالوعود الاقتصادية الكاذبة المؤجلة حَتَّى الانتهاء من الوحدة السورية المصرية. إذ لم تغمض عين للمخابرات الغربية دون إسقاط ثورة 14 تموز العراقية بعد إجهاض الوحدة المصرية السورية، والتي باتت تهدد مصالحهم في منطقة الشرق الأوسط. فبعد أن فشلت المحادثات البترولية مَعَ قاسم في ديسمبر 1961م والمؤجلة من نيسان عام 1959م، لعدم صلاحية الظروف، طالبَ الزعيم عبد الكريم قاسم بريطانيا بالوفاء بإنهاء الاغتصاب البريطاني للكويت وضرورة إعادتها إِلى العراق. ولما رفضت بريطانيا رفضاً لا مرد منه توجهات قاسم الجديد، أوجست خيفة من مغبة التجائه لخروشوف الذي مازالت توا مشكلته المتسمة بأزمة الصواريخ الكوبية حادة للغاية. فعملت على دراسة سبل السياسة السوفيتية وأهدافها في الشرق العربي.

ومن خلال الدراسة المستفيضة للسياسة السوفيتية الخارجية في عهد خروشوف، وجد الغرب أنَّه مما لا شكّ فيه ستكون الأزمة الجديدة المرتقبة بالتأكيد مواجهة سوفيتية في منطقة الخليج العربي وذلك بواسطة زرع صواريخ نووية سوفيتية في العراق. فلذا عقد مؤتمراً مخابراتياً في السابع من تشرين الأول عام 1962م بلندن ضَمَّ أعضاء من أجهزة المخابرات الغربية الأمريكية والفرنسية والبريطانية والبلجيكية. وَتَمَّ فيه مناقشة عدة خطط لإحباط المخطط السوفيتي للسيطرة على المنطقة العربية بعد أن تبين لهم مدى المساهمات السوفيتية في بناء القوة العسكرية الهجومية وليس الدفاعية في كُلّ من مصر وسوريا والعراق، قدرت بتفوقها بسبعة أضعاف عما تمتلكه إسرائيل. نتج عن هذا الاجتماع إقرارهم بالإجماع على الإسراع بتزويد إسرائيل بأجهزة عسكرية جوية بمقدار 2 مليار دولار وأجهزة إنذار مبكر بمقدار مليار دولار على أن يتم إلحاقها بالخدمة العسكرية الإسرائيلية في فترة أقصاها صيف عام 1963م.

إضافة للنظر في دراسة إمكانية بناء معامل للإنتاج الحربي الثقيل في داخل إسرائيل لتسهيل مهمة التأهب إذا ما احتاجت تلك الدول للدخول في مواجهة عسكرية مستقبلاً. ولم يقتصر الاهتمام بإسرائيل عند هذا الحَدّ بل على الرغم من تجهيز الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل بمفاعل نووي عام 1953م، الواقع بمنطقة نهل سورك والذي تبلغ سعته خمسة ميجاوات، الذي ساعد إسرائيل في عملية تدريب العلماء والفنيين على إنتاج وتطوير السلاح النووي، علاوة على ذلك راحت فرنسا في منتصف تشرين الأول عام 1962م بمنح إسرائيل مفاعل نووي لإنتاج الأسلحة النووية تَمَّ نصبه في منطقة ديمونة، قدرت سعته بـ: 24 ميجاوات وبطاقة إنتاجية تقدر بحوالي 5.8 كيلو من البلوتونيوم في السنة. واستناداً إِلى هذه القابلية الإنتاجية النووية فَقَدْ تأكد المجتمعون من إن بمقدور إسرائيل إنتاج قنبلة ذرية قوتها التفجيرية تقدر بحوالي 20000 طن من TNT باستعمال 8.5 كيلو من البلوتونيوم أيّ بواقع قنبلتين ذريتين كُلّ ثلاثة سنوات.

ووفق الدراسات المطروحة بهذا الشأن توقع الغرب امتلاك إسرائيل ما يقارب 15 قنبلة ذرية خلال عام 1988م إذ ما بدا الإنتاج عام 1966م وبدون حصولهم على اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم من أية جهة أخرى (93,94).

اشمئزّ عبد الناصر من الألعوبة النووية التي يحاول الغرب تهديد المنطقة العربية بها، وعمل على الاتصال ببعض الملوك والرؤساء العرب لمناقشة الموضوع ولكن حسبما اتضح من الأحداث ليس هناك من مكترث بما تملكه إسرائيل من قوة عسكرية سوى عبد الناصر أو ربما لم يعرف أحد بعد ما معنى امتلاك السلاح النووي من الرؤساء والملوك العرب حينذاك. وعليه فلم يجد عبد الناصر بُدّاً إلا الالتجاء إِلى موسكو في كانون الأول عام 1962م. واجتمع بخروشوف وناقش مَعَهُ خطورة الأمر. لكن خروشوف لم يكن بمقدوره مساعدة مصر نووياً نظراً لتعهده في اتفاقية الأزمة الكوبية بعدم تزويد مصر بأية تكنولوجية نووية.

لم يخذل خروشوف عبد الناصر أبداً، فَقَدْ أبدى استعداده لتدريب العلماء والفنيين المصرين في المفاعل النووية السوفيتية ووعده بمنح القنبلة الذرية لمصر إذ ما تحقق ذلك لإسرائيل مستقبلاً (95). وبناء على اتفاق ناصر - خروشوف بشأن تدريب طاقم علمي مصري على التكنولوجية النووية، غادر مصر في آذار 1963م هذا الطاقم إِلى الاتحاد السوفيتي وهو ما أزعج المخابرات الغربية وصارت تكن الحقد لخروشوف وعبد الناصر على حدّ سواء (70,96).

يبدو أن مسألة وعد خروشوف بمنح مصر قنبلة ذرية إذا ما امتلكتها إسرائيل قَدْ عجلت في النظر بجدية للتخلص منه. لاعتقاد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالتزام خروشوف بما يوعد ومبدئية توافق الصراع. ولعل الأحداث الدولية التي مَرَّ بها الاتحاد السوفيتي في عهد خروشوف أكبر دليل عن التزام خروشوف وحرصه على كسب الحرب الأيديولوجية من خلال استهداف الاستراتيجيات الغربية في مناطق النفوذ العالمي.

ومهما يكن خطر عبد الناصر على الغرب فأن عبد الكريم قاسم بات أَيضاً مزعجاً للغرب بعد انهيار الجمهورية العربية المتحدة. وبدا الاهتمام الغربي مُنْصَبّاً على أهمية دراسة الوضع في العراق بعد انهيار الوحدة. وبالفعل فَقَدْ أُجريت دراسة مستفيضة توخى فيه الغرب الحرص على إيجاد الوسائل المتاحة لمنع إعطاء آية فرصة للوطنيين العرب ليرتكزوا في العراق، وبالتالي يكون المصير مشابها في مصر. فعاد الحفاة للاستنجاد بقادة البعث الانفصاليين، الذين أول ما حاولوا أبعاد العناصر العربية المبدئية من تنظيمهم. خوفاً من عدم الانقياد لما يملى عليهم وفضح الاتجاه الغربي المناوئ لثورة تموز العراقية التي دنسها دعاة الشيوعية محاولين الانقضاض عليها اجتماعياً وإسقاطها جماهيرياً ومحو كُلّ الإنجازات التي حققتها. ومن يدري لربما كان من بين قادة الحزب الشيوعي من قَدْ جندتهم المخابرات الغربية لإسقاط الثورة ورفض الجماهير لها. فعلى الرغم من السيطرة الشيوعية في الشارع العراقي كان الزعيم قاسم يحاول وضع حدّ لذلك فمنع الحزب الشيوعي من مزاولة أعماله.

ولكن سرعان ما قامت وكالات المخابرات الأمريكية والبريطانية باستعمال ألاعيبها القديمة المعروفة بتهييج الأقليات في كُلّ أنحاء العراق لتدب الفوضى ويصعب على الأجهزة الأمنية مراقبة الساحة وما يعج فيها من تحركات ضدّ الدولة. وهو ما مهّد الأرضية الخصبة لميشيل عفلق وأكرم الحوراني وبتوجيه مباشر من ستيف ميد Steve Meade مساعد الملحق العسكري في السفارة الأمريكية ببيروت للعب دور بارز للإطاحة بثورة تموز من خلال تجنيد كوادرهم الحزبية في الجيش العراقي (74).

لَقَدْ تمكن عفلق والحوراني من تنفيذ الواجب الذي أنيط بهما بعد أن تمكنا من زيادة شقة العداء ما بين فؤاد الركابي وعلى صالح السعدي بحجة أن الأول ناصري التفكير أقرب منه إِلى البعث. وبذلك تَمَّ اختيار النخبة البعثية الاشتراكية الموالية لهم ولمخططاتهم الأمريكية للوصول للسلطة. فشهد العراق خلالها تسعة أشهر ونيف يوماً سوداء مريرة. أغرقت الجموع بالدماء بحجة مكافحة الشيوعية وتطهير العراق وهذا ما لا صحة له إذ ما عرفنا أن ممن كانوا دعاة للشيوعية وممن لعب دوراً في القتل والسحل قَدْ انخرطوا في مليشيات الحرس القومي. وَتَمَّ على أيديهم أبادت الوطنيين الأحرار وإسكات كُلّ حِسّ وطني شريف تحت ذرائع عديدة انكشفت قبل سقوط نظامهم وفق منهج مخطط ومرسوم للنيل من العراق وشعبه العربي. وبذلك تمكن الغرب من تمرير المخطط المدروس في طيات تقرير بروكن لتبدأ مرحلة الحكومات العسكرية ولفترات طويلة في منطقة الشرق الأوسط وكما خطط لها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:29

7.3 معالجة الموقف السياسي الغربي للمنطقة العربية

مهما كان تركيز المخابرات الغربية على المنطقة العربية فإنّ معاناتهم لم تنتهي بعد، فَفِي كُلّ خطوة لتحجيم مصر عربياً يكون خروشوف هو المنقذ لعبد الناصر وكُلّ يوم يمرّ تصبح شباك الوطنيين العرب ممتدة إِلى مناطق أكثر فأكثر. فما كان من المخابرات الغربية إلا الجلوس مرة أخرى وانتقاء أكثرهم فطنة ومعرفة بواقع المنطقة العربية من الناحية العقلية والنفسية والاجتماعية لرسم الخطوط المستقبلية للمنطقة. فعملياً قَدْ أوكلت المخابرات الأمريكية والبريطانية تلك المهمة إِلى كُلّ من بيتر رايت Peter Wright ورتشارد هلمز Richard Helms في التاسع والعشرين من آذار عام 1963م وتمكنا هذان من تحديد المشاكل في الشرق الأوسط ووضع الحلول لها (70, 72, 73). ومن خلال تركيزهما على ما جاء بدراسة البروفيسور بروكن المقدمة للرؤساء الغربيين في عام 1958م تمكن الاثنان من تحديد المشاكل الأساسية الآتية مَعَ ضرورة معالجتها سريعاً وفق ما يلي:



أولاً: المعالجة النووية والتسليح السوفيتي لمصر

من الأمور التي تستوجب الدراسة هي موافقة خروشوف على تدريب العلماء والفنيين المصريين في روسيا لكسب الخبرة في مجال تطوير وتصنيع الأسلحة النووية. وهو ما يشكل بلا شكّ إخلال للتوازن العسكري في المنطقة قَدْ يهدد مستقبلاً بدخول الاتحاد السوفيتي بعنف للمنطقة. وعليه فَقَدْ أصر رايت وهلمز على ضرورة النشاط الدبلوماسي ما بين الغرب والشرق لإيقاف الدعم المتزايد لمصر ليس في مجال منح الخبرات النظرية للمصريين في مضمار الإنتاج النووي فحسب، بل ضرورة تقليل ترسانة الأسلحة الهجومية المصرية (70). فعلى الرغم من النشاط البريطاني الكبير لتقليل دعم خروشوف لعبد الناصر إلا أنها لم تعطي أية نتيجة. ولكن مَعَ اعتلاء بريجنيف وكوسيجن مناصبهم الحساسة في نهاية عام 1964م، باشر الاتحاد السوفيتي بتقليل تزويد مصر بالأسلحة الهجومية التقليدية العالية الكفاءة بنسبة 70% عما كان في عهد خروشوف. ثُمّ عاد بريجنيف لينهي فترة تدريب الكادر النووي المصري في كانون الأول عام 1965م وبدأت المساعدات العسكرية والاقتصادية السوفيتية لمصر تتناقص تدريجياً حَتَّى بلغت ذروتها في مايو عام 1967م، وبذلك تحقق أول هدف من أهداف دراسة رايت وهلمز (96).



ثانياً: تحجيم دور عبد الناصر عربياً وجعل مصر دولة شرق أوسطية

يرى كُلّ من رايت وهلمز أن سبب المشاكل في المنطقة العربية نابعة من دور عبد الناصر في دعمه للقضية العربية وَمَدّ ثورتها بالمال والسلاح. ولا يمكن إسكات الوطنيون العرب ما لم تكن هناك ضربة شعبية مباشرة لعبد الناصر، وعليه فَقَدْ وجدا من الضروري تقويض عبد الناصر وإسقاط دور مصر في المنطقة العربية وجعلها دولة شرق أوسطية وفق اتّباع الأساليب الآتية:

1. العمل على تقوية النشاط الغربي داخل المؤسسة العسكرية المصرية.

2. زجّ عبد الناصر في مشاكل عسكرية داخل المنطقة العربية لإسقاطه جماهيرياً.

3. دعم الأحزاب السياسية المناهضة لعبد الناصر لمواجهته في الساحة العربية.

4. تخريب الاقتصاد المصري من خلال العمل على تنشيط الفساد الإداري.



5. مراقبة التحركات الدولية والإقليمية لعبد الناصر.

وبناءاً على هذا المخطط عملت وكالة المخابرات الأمريكية والبريطانية على تكثيف نشاطها داخل المؤسسة العسكرية المصرية والذي كان نتيجته انتكاسة عام 1967م وهزيمة العرب بقيادة عبد الناصر هزيمة منكرة. أما على صعيد دعم الأحزاب في المنطقة العربية المنادية بالتحرر من الشيوعية والغرب فَقَدْ ظهرت للعيان أحزاب كثيرة نشطت نشاطا كبيراً دون أن يعرف أحد مصدر الدعم المالي لهم خصوصاً تلك التي لا تأمن بالقومية والوطنية. وعملت المخابرات الغربية على خلق مشاكل عربية داخلية لناصر، فبينما اطمئن عبد الناصر من استقرار الموقف في اليمن وبدأ بسحب القوات المصرية منها، التقى مبعوث المخابرات الأمريكية ميلز كوبلاند بملك السعودية فيصل وبحضور القاشقجي في باريس لبحث الأمر. والذي طلبت فيه الولايات المتحدة الأمريكية من الملك فيصل بالعودة فوراً إِلى الرياض وإعلان الحرب على حكومة اليمن لإقامة دولة إسلامية فيها، مما اضطر عبد الناصر لإعادة قواته كي تساند الدولة اليمنية الفتية (70,72).



ثالثاً: منح الاتحاد السوفيتي فرص للاستثمار في المناطق العربية

من الأمور التي نجح فيها الغرب في التفاهم مَعَ الاتحاد السوفيتي في عهد بريجنيف هي إعطاء السوفيت فرص للاستثمار صناعياً وعسكرياً في بعض المناطق العربية كسورية والعراق والجزائر واليمن والسودان وإثيوبيا وإيران وباكستان والهند. وهو ما ساعد على تقليل حدة التوتر ما بين المعسكرين الغربي والشرقي. بل وصل حدّ التفاهم بينهم مستوى تقسيم مناطق النفوذ الدولية دون الحاجة لاستعمال السلاح النووي كما حدث في الأزمة الكوبية. وكان خير نتاج للتفاهم الغربي والشرقي، هو موقف بريجنيف وكوسيجن من الأزمة الإسرائيلية العربية التي وصلت حدّ تلوث أيديهما بإنجاح اللعبة الأمريكية في المنطقة مقابل منحهم حَقّ التصرف في بعض المناطق الأفريقية واليمن وحصار الصين غذائياً من خلال إيقاف المساعدات الأمريكية لها.

إذ كان كوسيجن مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية لعبد الناصر قَدْ اتصل بسفير السوفيت بالقاهرة في الثانية من صباح يوم الخامس من حزيران وطلب منه مقابلة عبد الناصر فوراً وإبلاغه تحيات بريجنيف ومبشراً إن المسألة المتأزمة على الحدود المصرية الإسرائيلي قَدْ توصلنا فيها لتوافق في الآراء وسوف لن تكن هناك أيّ حرب. وبناءاً على الاتفاق مَعَ الولايات المتحدة الأمريكية على مصر إن تستجيب لذلك فوراً وتنهي إنذارها الحربي فوراً وتباشر صباحاً بتقليل التعبئة العسكرية ضدّ إسرائيل، وإذا رفضتم (أيّ عبد الناصر) فإننا غير مسؤولين عما يحدث مستقبلاً وسنوقف كُلّ الاتفاقيات والمساعدات لمصر. وما أطل الصباح وفي الساعة الثامنة منه وحين كان الأبرياء كلا يذهب إِلى عمله انقضت الطائرات الإسرائيلية على المصريين، وبهذا تكون رسالة كوسيجن وبريجنيف قَدْ وصلت ولكن بصورة ترضي الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية.



رابعا: فصل الخليج العربي سياسياً واجتماعياً عن العرب

بعد أن انحسر النفوذ الغربي في المنطقة الشرقية العربية وباتت بوادر امتداد الثورة ضدّ الغرب أن تدخل الخليج العربي الغني بالبترول من بوابة العراق أو اليمن، رأى كُلّ من رايت وهلمز ضرورة دراسة الواقع الاجتماعي الخليجي، والعمل على ترسيخ مبدأ ضرورة صَدّ الهجوم الشيوعي على المنطقة بقيادة الاتحاد السوفيتي للقضاء على الإسلام والإيحاء للشعب في الخليج أن لا مفرّ من التحالف مَعَ الغرب والولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على العدو المشترك. كما أكد الباحثان على ضرورة العمل على إدارة الإمارات والدول الصغيرة في الخليج مباشرة من قبل دوائر المخابرات البريطانية والأمريكية ريثما تتوفر السبل التي تعمل على فصل المنطقة بأجمعها عما يدور في الساحة العربية ليس الآن بل مستقبلاً. ومما ساعد على نجاح ما كان يخطط له هلمز ورايت إقدام بريطانيا على إشعال فتيل الكويت مَعَ العراق في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم. الذي من خلاله تمكنت إقناع الآخرين بان التهديد العراقي المبطن بالإسناد السوفيتي الشيوعي عدو الدين لا محالة قادم إليكم فلذا يستوجب على الخليجيين الإصغاء والتنفيذ.

ولتحقيق هدفهم أقدمت المخابرات البريطانية على استبدال بعض أمراء الإمارات المترامية في الخليج العربي بآخرين لتضمن ولائهم لما مخطط له مستقبلاً ولعقود قَدْ تطول. كما استعملت أسلوب سياسي وثقافي مدروس ليستوعب حالة المجتمع الخليجي. وسوف نتطرق إِلى تلك الظاهرة في الصفحات التالية عند مناقشة الترتيبات الأمريكية المستقبلية في منطقة الخليج العربي وإنشاء قواعدها الدائمة فيه. إذ من خلاله سوف نشاهد حجم التخطيط والدراسة ليصل بنا الحال لما نحن عليه الآن من مأساة حقيقية ضاع فيها تاريخ المنطقة وحضارتها ومستقبلها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:30

خامساً: طبيعة الحكم في الدول العربية الأخرى

لم يكن هناك هَمٌّ أكبر من هَمِّ البحث عن صيغة تضمن تواجد النفوذ الغربي وسيطرته في المنطقة دون اللجوء للمواجهات العسكرية وأسلوب الاحتلال المباشر. ومما لا شكّ فيه إن ذلك يشكل عبئاً كبيراً على الدول الغربية ليس في مجاله الاقتصادي فحسب، بل في الجوانب الدولية المتعلقة بكيفية تقسيم مناطق النفوذ. ولذلك فَقَدْ كان الشغل الشاغل لِكُلِّ من هلمز ورايت هو كيفية حَلّ هذه المشكلة التي طالما عانى منها الغرب نتيجة للتغيرات المفاجئة في المنطقة والتي بدأت تتراكم يوم بعد يوم. مهددة بخروجهم من المنطقة العربية دون ضمان مصالحهم المتضمنة استمرار تدفق البترول إليهم وتسويق منتجاتهم للمنطقة. لَقَدْ كان كُلّ من رايت وهلمز يركزان على مبدأ انسحاب الغرب عسكرياً من المنطقة مَعَ نهاية الستينات مَعَ ضرورة خلق كيانات سياسية محلية مستقرة في المنطقة العربية بأجمعها تعمل على المحافظة على المصالح الغربية.

واستنجد الباحثان بدراسات دائرة المستعمرات البريطانية والفرنسية الخاصة بالمنطقة العربية للفترة الواقعة ما بين عام 1925م وحَتَّى عام 1960م والتي كانت غنية بالملاحظات عن كُلّ دولة. إضافة إِلى الاقتراحات المتضمنة حال الحكم الذي ينبغي أن يبنى في كُلّ دولة عربية، فبعضها تحكم بدستور مؤقت والأخرى ببرلمان يحله الملك وأخرى يتسلط عليه دكتاتور وهَلّم جَرّا (70,73).

وبعد الدراسة المضنية التي تعد ذات أهمية كبرى بالنسبة للسياسة الغربية تجاه المنطقة العربية توصل الباحثان إِلى ضرورة تبني الأسلوب البلشفي في إدارة دفة الحكم في الأقطار العربية على حدّ سواء ودون استثناء. فعلى حدّ زعمهما أن النظام البلشفي هو النظام الوحيد الذي أثبت جدارة ونجاح لِحَدّ الآن. وذلك لأن لينين فهم أكثر من أيّ أحد أخر كيف يمكنه السيطرة على الدولة وهذا هو المهم للبقاء والخلود. فلينين قَدْ آمن بضرورة سيطرة رجال السياسة على العسكر والأجهزة المخابراتية والأمنية إذ من خلالهما يمكنه أن يضمن عدم قيام العسكر بأيّ تمرد يسمح لأيّ فئة سياسية أخرى للسيطرة على نظام الحكم. ثُمّ أدرج رايت وهلمز تحليلاً لأهداف ما يمكن من خلالها تعزيز مواقع الغرب في المنطقة العربية، وذهبا أبعد من ذلك عندما وصفا كيف كان لينين يمسك بزمام الأمور من خلال ما بناه فيلكس ديرزهنسكي Feliks Dzerzhinsky بأن ما يسمى بوكالة المخابرات الروسية الحديثة والتي تتألف من الدوائر الرئيسية الثلاثة الآتية (70):

1. رئاسة المخابرات الروسية الأولى - تعمل على مراقبة ومحاربة وتصفية الساسة المعارضين العاملين ضدّ الدولة البلشفية في الخارج.

2. رئاسة المخابرات الروسية الثانية - تعمل على مراقبة وتصفية المتآمرين ضدّ الدولة البلشفية داخل حدود الاتحاد السوفيتي.

3. رئاسة المخابرات الروسية الثالثة - تعمل على التغلغل داخل القوى العسكرية السوفيتية بكل صنوفها لضمان عدم التخطيط لأيّ انقلاب عسكري ضدّ الدولة البلشفية.



ومن خلال هذه الاقتراحات والتي لا داعي لمناقشتها نظراً لتعايشنا معها وفق الأحداث التي تعانيها البلدان العربية، تمكن الغرب من أن يتسلط على المنطقة العربية مَعَ نهاية الستينات بإقامة أنظمة تعسفية طال بقاؤها في السلطة وتبددت أمال من يدعو للنهوض والتحرر منها.

ولاقت دراسة هلمز ورايت ترحيباً كبيراً دون اعتراض من كوادر المخابرات البريطانية والمخابرات الأمريكية لأهمية تلك الدراسة التي لا تدعو للتقويض والسيطرة على المنطقة العربية فحسب، بل ساهمت بإعطاء المخابرات الغربية السبيل للوصول إِلى داخل المؤسسات السوفيتية المخابراتية لهدم بنائها الرصين. كي يمكنها مَعَ مرور الزمن من الانقضاض عليها وإسقاط أسطورة الاتحاد السوفيتي الذي طالما كان حجر عثرة أمام ما يخطط له الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل تحقق ما أراد الأمريكان ولو بعد حين.

واستفادت الولايات المتحدة الأمريكية من غياب خروشوف وتواطأ بريجنيف ومحركه كوسيجن بإكمال مخططهم على أتم وجه. فَفِي الوقت الذي كان فيه عبد الناصر يحذر من تسليح إسرائيل ونجاحها في تطوير السلاح النووي كان يلاقى اشمئزاز من بريجنيف لا يطاق حدّ تصريحه الأخير بـ: (70,93,94):

"عبد الناصر سوف يفسد علاقتنا بالدول الكبرى ما دام يؤكد ويصر على امتلاك ما تمتلكه إسرائيل".

وأخذ يقترح على عبد الناصر ضرورة تقليص تجهيز مصر بالأسلحة والخبرات العسكرية السوفيتية. فعكف عبد الناصر على الاتجاه للصين في التاسع من شباط عام 1966م طالبا منهم مساعدته في إنجاز مشروع بناء المصانع الحربية في مصر وتطوير برنامجه النووي وهو أمر أزعج بريجنيف وجونسون على حدّ سواء (93,94,95,96). ولاقى ناصر ترحيباً شديداً من الصين الشعبية ورحبت بمساعدة مصر مَعَ بداية عام 1970م، مما أعطى الولايات المتحدة دفعاً قوياً لإنهاء مشكلة إسرائيل دون أن يتدخّل الاتحاد السوفيتي لصالح مصر كما حدث عام 1956م.

بعد عودة جونسون من فينا واجتماعه بليونيد بريجنيف في باخرة ببحر إيجه أوعز إِلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بضرورة الإسراع بإنهاء مشكلة إسرائيل والعرب. وذلك من خلال إشعال حرب مَعَ مصر تكون الغلبة لإسرائيل حَتَّى يأتي عبد الناصر راكعاً طالباً الجلوس حول مائدة المفاوضات قبل أن يأتيه المَدّ الصيني فتتشابك الخيوط (94). وأعلن ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في اجتماع حلف النيتو الدوري ببروكسل في كانون الأول عام 1966م عن نية بلاده بإنهاء معاهدة الدفاع مَعَ الدول العربية للحفاظ على المصالح في الشرق الأوسط. مُتذرعاً بسبب فشل تلك الدول بالتعاون معها لمراقبة تحرك عبد الناصر وإيقاف دعاياته النشطة المضادة للولايات المتحدة الأمريكية والغرب. كما أكد ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في حلف النيتو على أن بلاده قَدْ وضعت الخطط اللازمة لحماية مصالحها في الشرق الأوسط وقواعدها في تركيا وإسرائيل بعد أن ناقشت الأمر مَعَ القوى العظمى الأخرى التي لها علاقة مباشرة بالموضوع دون الإفصاح عن أسمائها (94,96).

مَعَ الإيضاح الذي حمله الممثل الأمريكي في حلف النيتو فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية قَدْ كانت بالفعل تنفذ خطة مدروسة لإشعال فتيل الحرب في منطقة الشرق الأوسط. والتي كانت مبنية على أساس قيام إسرائيل بالإغارة على القرى الحدودية الواقعة في سوريا والأردن والانسحاب منها بمجرد تنفيذ مهمتها. تلك الغارات التي كانت تسميها إسرائيل بالغارات العقابية للقواعد الفلسطينية التي تقوم بعمليات انتحارية داخل الحدود الفلسطينية المحتلة. واستمرّت إسرائيل بعملياتها حَتَّى وصلت حدّ قيامها بهدم كامل القرى السورية الحدودية.

وَمَعَ كُلّ تلك التحرشات الإسرائيلية المخطط لها كان عبد الناصر يعرف حَقّ المعرفة أنَّه هو بيت القصيد. وحاول مراراً إقناع السوريين من خطر الدخول بحرب مَعَ إسرائيل طالبا منهم التحلي بالصبر والحكمة وبعد النظر. لكون مثل هذا الموقف المفاجئ مبيت له بما لا يحمد عقباه خاصة بعد أن لَمَسَ من الاتحاد السوفيتي عدم الاكتراث لما يحدث (93,94). ولم تجد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تجاوب من مصر على ما يحدث من تأزم على الجبهات فأقدمت إسرائيل على ضرب المواقع السورية بالعمق ودمرتها. وراح رئيس وزرائها ليفي أشكول مصرحا بأعلى صوته أن الغرض من هذه الغارات ليس لمعاقبة المنظمات الفدائية الفلسطينية بل لتدمير القواعد العسكرية السورية. وصاحب هذا التصريح العفن وصول الأسطول السادس الأمريكي إِلى حوض البحر الأبيض المتوسط. وبانت علامات قيام محور عسكري تركي-إسرائيلي في المنطقة مما جعل مصر تتخوف أكثر فطلبت من الاتحاد السوفيتي التدخّل بالموضوع. إلا أن بريجنيف قَدْ أعطاهم أذنا صماء ومطمئناً بان لا شيء سوف يحدث وهذا صحيح لأن لا شيء قَطّ قَدْ حدث لإسرائيل.

عاد عبد الناصر شاكيا الأمم المتحدة لما يحدث في المنطقة وجوبهت شكوته ببرود لا مثيل له. وذلك لاتفاق الأطراف التي لها تأثير على القرار ووجوب ما يجب أن يحدث في تلك المنطقة. وَمَعَ الحملة الدبلوماسية التي قادها عبد الناصر لإيقاف التهديد الإسرائيلي كانت أصوات الحكومة السورية تردد النجدة من الخطر الإسرائيلي ومعلنة الحرب بدون استشارة من يمكن استشارته لمثل هذا الأمر المصيري. وهو ما دفع مصر لاتخاذ موقف لا مفرّ منه ولا خيار غير المؤازرة لسورية مَعَ إيمان مصر بأنها هي بيت القصيد (70,93,94).

وحين لم يجد عبد الناصر أيّ معين لمحنته هذه التجأ إِلى مؤسساته العسكرية والمخابراتية للقيام بتلك المهمة وتتبع الأحداث خطوة بخطوة لدرء الخطر عن مصر والدول العربية المحيطة بإسرائيل. وقامت الاستخبارات العسكرية والمخابرات المصرية بدور كبير لجمع المعلومات القيمة التي يمكن لمصر أن تتخطى تلك المحنة. ولكن كانت المخابرات الأمريكية أكثر حنكة وأكثر تأثيراً بمن يحيط بعبد الناصر لمنع وصول تلك المعلومات والتي أخافت حَتَّى الأمريكان وأعوانهم من مغبة تسرب مثل هذه المعلومات وانهيار ما خطط له. ونتيجة لذلك وبصفقة سوفيتية أمريكية اتصل كوسيجن بسفير بلاده في مصر فَجراً كما ذكرنا مسبقاً وأخبره بضرورة لقاء ناصر فوراً وإعلامه بضرورة عدم الهجوم على إسرائيل وإن هذا تعهد من الاتحاد السوفيتي بان لا ضربة إسرائيلية لمصر إذ ما قبل الصفقة. في حين اتصل السفير الأمريكي في الرياض عند منتصف الليل بالملك السعودي فيصل بن عبد العزيز وأخبره بأن إسرائيل أخبرتهم بأنها سوف تقوم بالهجوم على مصر صباحاً.

وطلب منه عدم أخبار عبد الناصر والمساعدة بتوفير وقود الطائرات للحرب، وَقَدْ اعترف بذلك فيصل بن عبد العزيز في مؤتمر القمة العربية المنعقد في الرباط بتاريخ 12 تموز/يوليو 1967 لمناقشة أسباب هزيمة عام 1967م.

كان عبد الناصر في وادي بعيد عن نشاط مؤسسته المخابراتية والعسكرية، إذ كُلّ ما يمكن يصل إليه من قبل تلك الأجهزة كان لابُدَ إن يمرّ عن طريق عبد الحكيم عامر وزمرته قبل أن يدخل مكتب عبد الناصر. وكان عامر يخفي المعلومات الاستخباراتية عن عبد الناصر ويمنع وصولها، بالاتفاق مَعَ المخابرات الأمريكية لإزاحة ناصر وتعيينه بدلاً منه رئيساً لمصر حال الانتهاء من المعركة. فعمل عبد الحكيم عامر على تمرير تلك المسألة بأية صورة ومهما كانت النتائج. فلذا فوجئت مصر صباح الخامس من حزيران بالهجوم الإسرائيلي المزود بالوقود البحريني والليبي والسعودي يدك مطاراتها ويضرب المدن الآمنة ويدمر كُلّ ما يقع تحت رحمته (70,95,96).

لَقَدْ أحسّ الغرب بالغبطة والسرور، وتقبل ناصر الهزيمة واعترف بشجاعة تحمل مسؤولية ما حدث واعترف الاتحاد السوفيتي بخطئه وتبنى بناء القوات المسلحة المصرية. وعادت الولايات المتحدة الأمريكية تعرض على عبد الناصر إعادة كافة الأراضي المحتلة شرط أن يتقوقع داخل مصر ويصبح قائد لدولة شرق أوسطية بحتة لا علاقة لها بالعرب. فما كان من عبد الناصر إلا الرفض وقبول المواجهة لإعادة بالقوة ما أخذ بالقوة وهو ما لا يروق للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، كما يعني فشل دراسة وايت وهلمز فلذا فَقَدْ عملت المخابرات الغربية على تنفيذ البنود الأخرى بحذافيرها مَعَ شرط إزالة عبد الناصر بأيّ ثمن كان مَعَ نهاية هذا العقد من القرن العشرين، فصار لها ما أرادت فعلاً (96).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:30

7.4 المطامع الأمريكية بمنطقة الخليج العربي

لا يمكن إن نخفي مُطلقاً حقيقة مفادها، إن عامل البترول يشكل المحور الأساس في إبقاء حركة الاضطهاد والاحتلال والقمع وديمومة الحروب الصغيرة والكبيرة في أيّ شكل من الأشكال التي عهدناها. ولكون الوطن العربي يتمثل بشساعة مراميه وذخائره الغنية التي سيدها وسيد العالم البترول، نرى يستوجب علينا أذن إن لا ننظر ببعد ضيق لما يدور من أحداث، بل علينا إن نحدق في المسألة من خلال إطار يتخلله نوازع أساسية في مفهوم أطماع الدول الغربية لاحتلال أَو السيطرة على المنطقة بأية طريقة مناسبة تحافظ على بقاء مصالحهم. تلك الدول التي بما لا يقبل الشكّ مُطلقاً تعتمد على منتجات المنطقة العربية النفطية دون منافس من جانب، وما يشكله النفط من عصب ذُو أهمية في استمرار ديمومة الحياة من جانب آخر، لتلك الدول التي تفتقر إليه. وعليه ومن خلال قراءة أدبيات الصراع حول النفط، نرى إن تلك الدول ومُنْذُ ارتباط بقائها وديمومتها بعامل البترول، بات مبدأ البقاء والسيطرة لديها على الدول المنتجة، هدفا أساسياً لاستمرار جريان تصدير البترول إليها من جهة، والسيطرة على الأموال التي تجنيها الدول المنتجة من جهة أُخرى.

إن العامل الاقتصادي مربوط بصورة أَو أُخرى بزيادة الاستهلاك للبترول في الدول المستوردة، بعد إن انتهى وولّى عصر استعمال الفحم الحجري المستخرج بكميات هائلة حينذاك، لتشغيل عجلة الصناعة والقوة الحربية. ولقد تضاعف استهلاك البترول عالمياً بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة مرة كُلّ عشر سنوات حَتَّى غاية عام 1971م. وبالتالي آجلاً أَو عاجلاً كانت تتمخض في أروقة السياسة الغربية بوادر بناء استراتيجية نفطية مستقبلية، التي من خلالها توضع أُسس التعامل السياسي مَعَ تلك الدول المنتجة للبترول. وهو دون أيّ أدنى شكوك مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة السياسية الصورية التي يمكن للغرب رسمها ووضعها في موضع التنفيذ. تلك السياسة التي تكمن في كيفية قيادة الدول المنتجة للبترول. فَفِي العقود الماضية من القرن العشرين كان يدار حكمهم إما عن طريق تقوية شوكة ملك، أَو انقلاب عسكري أَو تنشيط أحزاب سياسية وخلق تيارات جديدة.

وكانت هذه الأهازيج السياسية المزيجة السابقة، تبيح للمخابرات الغربية فرصة اللعب كعنصر له دور كبير في تأجيج الصراعات الداخلية وترجيح كفة حزب أَو فرد على آخر. لتنتهي بعدها بنا الحالة العصيبة إِلى ما هو عليه الحال الآن. حَيْثُ كان يمكن إقالة حكومة وتعيين أُخرى بمجرد الإشارة بإصبع بعد إن كانت أجهزة المخابرات الغربية تلوح بعصى.

ولكن من غير الممكن بناء الصورة الحقيقة لما يدور وما دار مُنْذُ بداية منتصف القرن الماضي أَو أقل منه بقليل إِلى يومنا هذا، دون معرفة واقع الاحتياطي البترولي العالمي. والذي من خلاله يمكن حَلّ لغز المعادلة الوهمية التي يعيش عناصرها القادة الغربيون وتمتثل إليها شعوب منطقة ما حَتَّى ولو كان ذلك دون إرادتهم. وبهذا يمكننا دون تردد إن نسأل بعد عرضنا المبسط للحالة النفطية وملابساتها، ما هو موقع دول الخليج العربي في نظر هؤلاء والاعيبهم؟ إذا ما عرفنا إن الاحتياطي البترولي العالمي مَعَ بداية عام 1950م كان حسب تقديرات الشركات المنتجة للبترول في المنطقة العربية يقدر بحوالي 48 مليار برميل. شغلت إيران منه 13 مليار برميل وبقية دول الخليج العربي بما فيها العراق 35 مليون برميل. في حين كان احتياطي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي حينذاك يشكلان 25.3 و 6.3 مليار برميل على التوالي. وهو ما يعني في تلك الحقبة التي تعتبر بدايات اكتشاف البترول نسبياً إن دول منطقة الخليج العربي ومن ضمنهم إيران كانت يشكل إنتاجها 22.2% من إجمالي الاحتياط العالمي.

وهنا تجدر الإشارة بان الشركات البترولية لم تكن بعد قَدْ تحرت عن البترول في الإمارات العربية وسلطنة عمان (97).



لَقَدْ استمرّت الاكتشافات البترولية بصورة متزايدة في منطقة الخليج العربي مُنْذُ نهاية الستينات، بعد عن عجزت الشركات الأمريكية والبريطانية من إيجاد بديل عن النفط الخليجي في أفريقيا وأمريكا اللاتينية. وذلك وفق السياسات المرسومة بعد العدوان الثلاثي على مصر. كما عجزت المؤسسات العلمية من إيجاد بديل عن البترول في توفير الطاقة بسعر مناسب وحيوي، واضعين في نظر الاعتبار إن يصل قيمة البرميل كأعلى سقف له مستقبلاً بما يضاهي حوالي 200 دولار أمريكي. وبناءاً على تلك الحقائق نشطت الاستكشافات البترولية في المنطقة بصورة غريبة جداً. وساعد عدم الاستقرار السياسي العالمي آنذاك نتيجة للحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي وتسارعهما حول السيادة والبقاء، على التنقيب عن البترول وإيجاد منافذ سيطرة أكثر. وأصبح البترول واستثماره أبان تلك الفترة، الأولوية الأُولى لِكُلِّ دولة كبرى وباتت مسؤولياتها ومهامها تتلخص في كيفية السيطرة على المصادر في بواطن الأرض والتي سيدها النفط.

ولعل نتيجة للتسارع حول السيطرة على منابع البترول أبان الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، أصبح لمنطقة الخليج أهمية تختلف عن غيرها إذا ما أعدنا قراءة نشرة الأوابك لمارس 1988م، إذ جاء فيها:

"كانت منطقة الخليج العربي (ونقصد من ضمنها إيران والعراق) لوحدها تشغل في عام 1965م ما نسبته 61% من إجمالي الاحتياط العالمي للبترول". أيّ بواقع 213.6 مليار برميل من الإجمالي العالمي البالغ 350 مليار برميل نفطي، بعد إن تَمَّ الإنتاج البترولي في كُلّ من سلطنة عمان والإمارات".

يبدو إن القفزة النوعية في الاحتياط البترولي العالمي وصراع الدول الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية لإيجاد مناطق نفوذ للسيطرة على العالم وظهور الحرب الباردة بين القوتين الكبريين وولوج عظمتها في الستينيات، أدى إِلى اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية في معرفة المخزون العالمي البترولي ومعرفة العمر التقديري في كُلّ بقعة من العالم. وبهذا الصدد نشطت مجلة ميد ومجلة نفط العالم البريطانيتين في وضع الدراسات النفطية والبحث في شؤونها ومعرفة الاحتياط العالمي البترولي أول بأول. في حين كان على الجانب الآخر تحرك أمريكي مُنْذُ منتصف الستينيات مختلف تَماماً، لا يؤمن بالسياسة والحوار، بل هدفه يتضمن كيفية تواجد القوات الأمريكية في المنطقة للمحافظة على آبار البترول. على أية حال مَعَ حلول عام 1990م أصبح احتياط البترول العالمي 959 مليار برميل، حصة منطقة الخليج العربي منها 642.53 مليار برميل أيّ ما يعادل 67% من إجمال الاحتياط البترولي العالمي. وهنا لابُدَ إن نبين إن حصة العراق وصلت إِلى حوالي ما يعادل 13% والكويت 10%.

وتشير الدراسات الحالية الصادرة من مجلة ميد البريطانية في غضون فبراير 2002م إِلى إن الاحتياط العالمي للبترول وصل إِلى 1332 مليار برميل يشكل الخليج العربي منها ما يقارب 77% والولايات المتحدة الأمريكية 3% والاتحاد السوفيتي 7%. وللعراق فيها حصة قُدرت بحوالي 17.3% والكويت 12.4%، وتوقعت الدراسة إن يكون احتياط العراق العالمي من البترول حوالي 26.2% في غضون عام 2010، والكويت ما يقارب 13.1% والسعودية 19% والبحرين 0.8% وقطر 4.4% والإمارات 8.3% وسلطنة عمان 4.7% وإيران 8.4%. وبذلك يكون احتياطي البترول العالمي مَعَ حلول عام 2010م لمنطقة الخليج العربي بواقع 84.9%.

كما إن هناك مصادر أُخرى تضاهي أهمية البترول في منطقة الخليج العربي تتصدر دولة قطر السيادة فيه، هو احتياط الغاز الطبيعي. حَيْثُ سوف يصل مَعَ حلول عام 2010م إِلى 45.6% من إجمالي الاحتياط العالمي. ولعل المهم الذي يمكن إن نستنتجه من خلال هذا الكم الهائل من الأرقام العلمية المتعلقة باقتصاديات البترول في منطقة الخليج، إن هناك بعض الدول بات احتياطيها البترولي العالمي في ازدياد مضطرد ويمكن حصرها من خلال الدراسات البترولية المهتمة بمثل تلك مواضيع، بالعراق والكويت فقط. في حين إن بقية دول المنطقة بدأ احتياطيها البترولي بالهبوط ولو في بعضها قَدْ يبدو طفيفا دون الحقيقة أذن إن الهبوط كنسبة مئوية بمليارات البراميل. وهنا لابُدَ إن نشير إِلى نقطة مهمة تتلخص بأن عموم المنطقة سيشكل بترولها لاحقاً عصب الحياة العالمي. بعد إن بات احتياطيها البترولي في ازدياد مستمر قياساً باحتياطي الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأُخرى التي تشير الدلائل إن احتياطيها بدأ بالنزول مُنْذُ إنتاج أول برميل بترولي.

فاحتياط البترول للولايات المتحدة الأمريكية عالمياً قَدْ وصل إِلى 3% مَعَ إطلالة عام 1990م. ويعتقد أنَّه سوف يبدأ بالنزول 0.3% كُلّ سنة، إذ يعني رياضياً أنَّه خلال العشر سنوات القادمة سوف يكون احتياطي الولايات المتحدة الأمريكية ما يقارب 0%، بعد إن عجزت الشركات البترولية في البحث عن وجود البترول في المناطق الأمريكية. وهو ما قَدْ يسبب كارثة لها لاعتماد صناعاتها ومدنيتها اعتماداً كلياً على البترول الذي قَدْ يهدد نضوبه بانتهائها. وبالتالي فإننا نستنتج أهمية منطقة الخليج العربي وضرورة السيطرة عليها لحماية بقاء تدفق البترول للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، إذا ما علمنا إن العمر التقريبي للبترول فيها قَدْ يصل إِلى ما يقارب 300 سنة ميلادية. وهذه حقيقة يمكن استنتاجها من اهتمامهم بالسيطرة على منطقة الخليج وبناء الاحتياط البترولي الاستراتيجي من جانب ووقف إنتاج البترول من الآبار الأمريكية تحت ذريعة إن استخراجه يكلفهم أكثر مما لو استورد من الخليج العربي في السعر الحالي وهو ما لا صحة لها تجارياً على أقل تقدير.

وهكذا نرى إن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية قَدْ بدأت تأخذ دوراً مهما في السيطرة على المنطقة العربية مَعَ إطلالة السنة الأُولى من ستينيات القرن العشرين. بعد إن اتضح لها ومُنْذُ كانون الأول 1957م إن زعماء حلف النيتو الأوربيون في اجتماعهم هذا ربما يخرجونهم من الاستراتيجية الدولية رغماً. كما إن المشروع الفرنسي الإيطالي ضدّ بريطانيا وأمريكا الداعي للسيطرة الأمريكية على حلف النيتو العسكري ما هو إلا دفع جديد للولايات المتحدة الأمريكية للتفكير في أهمية المنطقة وكيفية السيطرة عليها لضمان السيطرة على اقتصاديات العالم. وسوف نرى في الفصل القادم مغزى التطورات العسكرية الأمريكية في هذه المنطقة.

فالحقائق البترولية التي تَمَّ وضعها بصورة مختصرة سلفاً، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تترقبها عن كثب وتتخذ حَلاً لِكُلِّ خطوة بعد خطوة وتحرص على إنجازها بنجاح، كي لا تفاجئ بما لا يحمد عقباه. ولعلها بدأت تفكر مَلِياً مَعَ عام 1965م عندما أقدمت على إنشاء قواعد عسكرية مصغرة لحماية منشأتها النفطية في المملكة العربية السعودية. إلا إن الصورة الجدية في العمل الأمريكي بدأ يأخذ صوره الحقيقة بعد حرب عام 1967م، عندما صرح رئيس الوزراء العراقي السابق طاهر يحيى بضرورة استعمال البترول كسلاح. وكان الغرض من هذا التصريح في حينه، إيقاف دعم الغرب للعدو الصهيوني وإجباره على الانسحاب من الأراضي المحتلة في هزيمة 1967م. وهو تصريح لاقى إعجاب الساسة العرب حينذاك، وأعطاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أهمية قصوى. ولكن تَنَصُل بعض دول الخليج العربي من هذه المهمة من جهة، وعمل الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أُخرى على تفتيت هذا المبدأ من خلال تغيير بعض أنظمة الحكم بانقلابات عسكرية، غَيّر المفهوم من طرح سياسي إِلى ضرورة لابُدَ من العمل على احتوائها.

ولعل حرب أُكتوبر وما أنجزه الجيش العربي من انتصار على الجبهات القتالية ولو نسبياً، وتصاعد صيحات الشارع العربي بإيقاف تدفق البترول العربي وضرورة سيطرة العرب على أسعار البترول سيطرة تامة، كان هو الأساس الذي غَيّر الاستراتيجية الغربية نحو منطقة الخليج العربي بصورة مذهلة. إذ عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تغيير سياستها الاستراتيجية تجاه منطقة الخليج العربي. وأصبحت من خطة استراتيجية لعملية احتواء التصدع وحماية الأنظمة، إِلى خطة استراتيجية أكثر خطورة وأهمية إذا ما علمنا إنها تتلخص في ضرورة بناء الخطوط العسكرية المرنة لحماية البترول وتدفقه. وهذا المفهوم تخلله سياسات أُخرى سوف نجيء على شرحها لاحقاً.

ولعلنا هنا نرى إن الجانب الاقتصادي قَدْ لعب دوراً جباراً في تجنيد السياسة العسكرية الأمريكية لصالح السيطرة على البترول في المنطقة. وَلابُدَّ من إن يكون للسلاح النووي وتطوره الدور الجبار في إثبات التفوق الأمريكي والسيادة الأمريكية. مما أدى ذلك إِلى رسم خطوط ذات أهمية بمستقبل المنطقة ليتم تنفيذها على مراحل دون ترك أيّ منها. لتتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من ديمومة حضارتها وسيطرتها على العالم من خلال استمرار تدفق عصب الحياة الرئيسي. هذه إلمامة سوف تدخلنا في الفصول القادمة لمعترك كبير أدى إِلى ضياع بلدننا وثرواتنا لسوء الفهم السياسي الذي يمتلكه من يقود دولنا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:31

الفصل الثامن

السياسة النووية الدولية في مرحلة السبعينات




انتهت مرحلة الستينات وهي ثكلى بالأحداث المريبة والغامضة التي لم يتم حَلّ رموزها بعد. ولكن بما لا شكّ فيه تمكن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية من دحر الاتحاد السوفيتي نوعاً ما. فتحقق لهم بذلك بعض التقدم في الوصول إِلى أهدافهم الأساسية لرسم الخريطة الدولية السياسية الجديدة والتي بالتأكيد قَدْ بان تأثيرها مَعَ نهاية تلك الفترة وبداية مرحلة السبعينات. فَفِي هذه المرحلة بات واضحاً التقدم التكنولوجي بشتى الاتجاهات العلمية وخاصة في المجال النووي الداخل للسوق التجارية الرسمية لتوه.

لَقَدْ كانت هناك أحداث سجلها التاريخ العدواني لا يمكن أن تنسى أبدا ومنها إقدام الرئيس الأمريكي ليندن جونسون عام 1965م على تأسيس منظمة الطاقة النووية السلمية برئاسة كليمن سيبورك Glenn T. Seaborg، التابعة إِلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والتي تعمل على تصنيع الطاقة النووية السلمية وتصديرها إِلى خارج الولايات المتحدة الأمريكية. إضافة إِلى القيام بمراقبة وجمع المعلومات المتعلقة بالباحثين العلميين النوويين في كافة دول العالم. وتمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة التامة على منظمة الطاقة النووية العالمية المنبثقة عن الأمم المتحدة. إذ تمكنت بالاتفاق مَعَ الاتحاد السوفيتي من تعديل قوانين تلك المنظمة، ليتسنى لها من خلال التعديل السيطرة على المنظمة ومراقبة الدول التي لها برامج نووية (98).

في إطلالة العقد الثامن من القرن العشرين وَمَعَ وجود الاتفاقيات التي تحدّ من التسليح ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، نرى كُلّ منهما مازال يمتلك قدرة قتالية عالية وسلاح فتاك باستطاعته أن يضرب ويدمر. فالمعسكرين الشرقي والغربي بقيا حَتَّى بداية هذا العقد يشكلان القوتين الحقيقيتين في العالم. ولكن مَعَ شروق شمس عام 1970م لم تكن كُلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والاتحاد السوفيتي والصين وفرنسا فقط يمتلكون تلك القوة التدميرية الفتاكة. بل أعلنت الأرجنتين وأفريقيا الجنوبية والهند وباكستان عن نجاحهم بتصنيع القنبلة الذرية. إضافة إِلى قيام بعض الدول العربية الأخرى بتطوير مفاعلات نووية للأغراض السلمية بحيث سمحت به الأمم المتحدة ضمن شروط اتفاقية عام 1968م.

إن إعلان الدول غير التقليدية لامتلاكها السلاح النووي عام 1970م لم يكن من الأحداث ذات الأهمية الكبرى قياساً بالإعلان الإسرائيلي الذي جاء على لسان رئيس الكيان الصهيوني أبرهام كاتزر Ephraim Katzir. فَفِي الأول من كانون الأول عام 1974م صرح قائلاً (95,98):

"كنا دوماً نضع في اعتباراتنا القوة التي تكمن في امتلاك السلاح النووي واليوم بِكُلِّ فَخْرٍ واعتزاز نعلن للشعب اليهودي امتلاكنا لهذه القوة".

لم يفاجئ العالم بإعلان رئيس الكيان الصهيوني، بل الكُلّ كان يعلم بتطوير إسرائيل للسلاح النووي وبمساعدة بريطانيا أمريكية فرنسية. ولكن كون هذا التصريح يعتبر أول إعلان رسمي يصدر عن قائد إسرائيلي جعل الكثيرون يراقبون المسألة بحذر. لأن ذلك يعني امتلاك إسرائيل فعلاً سلاح فتاك قَدْ يدمر المنطقة بأجمعها خلال دقائق معدودة.

ويبدو إن الأمور أصبحت أكثر تعقيداً لدى الولايات المتحدة الأمريكية عند إقدام الدول المحيطة بإسرائيل أو القريبة منها، في البحث عن صفقات نووية في السوق العالمية. وهو ما يربك التوازن الدولي النووي الذي اتفقت عليه الدول الكبرى ضمن الاتفاقات السرية المعقودة بينهم، والتي تنص على عدم تزويد أيّ دولة شرق أوسطية (باستثناء إسرائيل) بأية معلومات أو تكنولوجية أو مواد لها علاقة بالتطوير النووي. ولكن تلك الاتفاقيات يمكن اختراقها بسهولة لظهور قوى نووية جديدة في هذه المرحلة لم تكن قَدْ وقعت أو صادقت على تلك الاتفاقات السرية كالأرجنتين والهند وباكستان. فلذا فَقَدْ تَمَّ الاتفاق بين حلفاء النيتو على توكيل فرنسا وإيطاليا بمهمة مساعدة الدول، وخاصة العربية منها بتطوير برامجها النووية السلمية. وذلك خوفاً من الاتجاه نحو الصين أو الاتحاد السوفيتي أو غيرهما للاستفادة من بناء مفاعل نووية ويعقد جهاز مراقبة الدول شبه نووية (99, 100).

وعلى ضوء تلك السلطة التي اضطلعت بها فرنسا وإيطاليا فَقَدْ لعبتا خلال منتصف السبعينات دوراً كبيراً في مجال تصدير الخبرة النووية إِلى دول الشرق الأوسط، وبالتحديد العراق ومصر والجزائر وإيران. في حين لعبت الدول الأوربية الأخرى الغربية والشرقية دوراً هاماً في تصدير خبراتها بإنتاج السلاح الكيمياوي والبايولوجي في مرحلة بداية الثمانينات من هذا القرن.



8.1 الاتفاقات الدولية النووية في مرحلة السبعينات

الاتفاقية التي وقعها الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في الأول من تموز لعام 1968م في موسكو لم تكن نافذة المفعول إلا في الخامس من آذار عام 1970م. وكانت تنص على منع انتشار الأسلحة النووية ومعلوماتها ووسائل إنتاجها في العالم. كما تعهدت الدول النووية الموقعة على الاتفاقية على عدم مساعدة وتشجيع أية دولة غير نووية لخوض هذا المجال، من خلال نقل التكنولوجية إليهم أو منحهم السلاح النووي بحدّ ذاته (98,101). ولم يكن سبب تأخير تنفيذ تلك الاتفاقية نابع من اختلاف الدول المؤيدة للاتفاقية على بنودها، بل كان نابع من قناعة تلك الدول بضرورة إشراك الدول غير النووية في الاتفاقية. وكان الاعتقاد السائد في إمكانية إجبارهم على توقيع ما يسمى باتفاقية الوقاية من الأسلحة النووية Safeguards Nuclear Weapons Agreement ولمدة خمس وعشرين سنة. إذ كانت تنص على إعطاء وكالة الطاقة النووية الدولية صلاحية مراقبة وتفتيش وإلغاء أيّ مشروع نووي يشكّ في تطويره لإنتاج السلاح النووي بدلاً من التطوير للأغراض السلمية.

وحاولت الدول الكبرى من خلال هذه الاتفاقية بالضغط على 140 دولة للتوقيع عليها إلا أنها لم تنجح حَتَّى آذار عام 1970م من إجبار أكثر من 59 دولة للتوقيع. وكان من بين تلك الدول خمسة عشر دولة شرق أوسطية هن العراق وسورية والأردن والكويت ولبنان وليبيا والمغرب والصومال والسودان وتونس واليمن الجنوبي واليمن الشمالي والعربية السعودية وإيران وتركيا. في حين امتنعت عن التوقيع كُلّ من الدولتين النوويتين الصين وفرنسا والدول شبه النووية (التي مازالت برامجها النووية في قيد التطوير) كالأرجنتين والبرازيل ومصر وإسرائيل وباكستان وجنوب أفريقيا واستراليا. أما بالنسبة إِلى اتفاقية الوقاية من الأسلحة النووية فَقَدْ أجبرت الدول النووية الكبرى كُلّ من العراق وسورية والأردن ولبنان وليبيا والمغرب والسودان والعربية السعودية على توقيعها. وبهذا تكون إسرائيل مَعَ بداية السبعينات قَدْ انفردت وحدها في المنطقة بالقدرة على تطوير وإنتاج السلاح النووي بالإمكانيات الفنية والمالية والتكنولوجية المتاحة إليها من كُلّ من أمريكا وبريطانيا وفرنسا على وجه الخصوص (99, 100,101).

ما أن تَمَّ تطبيق الاتفاقية المبرمة بين الدول الثلاث وتبني الأمم المتحدة لها، حَتَّى باتت الاتصالات ما بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية تبدو واضحة المعالم ومكثفة لتطبيق نصوص الاتفاقية. إذ كان أحد بنودها ينص على ضرورة التباحث بين الدول النووية الكبرى للتفاوض حول تقليص امتلاك الأسلحة النووية، وصولاً إِلى نزعها نهائياً عن تلك الكرة الأرضية الصغيرة الأهداف. ونتيجة لتلك اللقاءات التي كان معظمها يعقد في جنيف وفينا توصل الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية إِلى عقد معاهدة للحد من أسلحتهم النووية في عام 1972م سمية بسلت واحد (SALT1) محادثات الحَدّ من الأسلحة الاستراتيجية (Strategic Arms Limitation Talks).

وواقع الحال أن لهذه المعاهدة جذور طويلة امتدت مُنْذُ عام 1966م ما بين الرئيس الأمريكي ليندن جونسون والسكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي ليونيد بريجنيف. وبدت أكثر رصانة وقوة بعد ربيع عام 1968م حين أكملت المخابرات الأمريكية وحلفائها مهمتهم في الشرق الأوسط وضمنوا بقاء وتفوق الكيان الصهيوني في كافة المجالات، بعد أن تَمَّ تحطيم الشعب العربي معنوياً واقتصادياً وعسكرياً. وَمَعَ بداية تشرين الثاني عام 1969م كانت المحادثات السوفيتية الأمريكية قَدْ وصلت حدّ مناقشة جميع الأسلحة الاستراتيجية التي يمتلكها البلدان. وبذلك تمكنا من توقيع معاهدة سلت واحد المعقودة في السادس والعشرين من مايو عام 1972م بمؤتمر مصغر عقد في موسكو (70,99).

كانت أهم فقرات بنود المعاهدة الجديدة الأولى من نوعها، تتعلق بالحَدّ من الأنظمة المضادة للصواريخ الاستراتيجية الذاتية الحركة، إضافة إِلى بعض الأسلحة الاستراتيجية الهجومية الأخرى. وبالطبع لم تخلو من الاتفاقات السياسية التي لها علاقة بالسيطرة والنفوذ الاقتصادي على العالم. فبمجرد التوقيع على سلت واحد ومصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي عليها في الثالث من آب عام 1972م، بدأت مباشرة المباحثات الأمريكية السوفيتية للحد من امتلاكهما للأسلحة النووية. إذ تمخضت عن توقيع البلدين على اتفاقية ما يسمى بسلت اثنان SALT II.

وقع اتفاقية سلت اثنان SALT II الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وليونيد بريجنيف في الثامن عشر من حزيران عام 1979م بفينا. ونصت أهم بنودها على الحَدّ من الصواريخ الذاتية الحركة العابرة للقارات والتي بمقدورها حمل عدة رؤوس نووية موجهة إِلى أهداف عديدة. كما تضمنت الاتفاقية تحديد احتفاظ كُلّ دولة منهما بكمية الصواريخ النووية البحرية العابرة للقارات ذات الرؤوس النووية المتعددة. وبهذا فَقَدْ انتهى العقد الثامن من القرن العشرين وَكُلّ من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي قَدْ تمكن من حَلّ مشاكله العالقة مُنْذُ نهاية الحرب العالمية الثانية. وَتَمَّ من خلالها تقاسم مناطق بسط النفوذ على حساب الدول الأخرى التي لا حول لها ولا قوة في بواطن صراع المعسكرين وخاصة تلك الغنية بمواردها وضعيفة بامتلاكها السلاح الذي يحميها من تطاول العظماء. هؤلاء العظماء الذين أوقعوا العالم أجمع، ضحية تجارتهم الحربية المدمرة المكدسة، والتي تنتظر من يشتريها ليقمع أبناء شعبه قبل الأعداء (94,96,100, 101).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:32

السياسة الدولية تجاه الشرق الأوسط في السبعينات


بدأ هذا العقد بموافقة الرئيس الفرنسي شارل ديغول على مقترح رئيس وزراء بريطانيا أدورد هيث والرئيس الأمريكي ليندن جونسون المتضمن ضرورة التخلص من هيمنة عبد الناصر على الساحة العربية. إلا أنَّه سرعان ما رفض مقترحهما بعد أن أحَسّ بالكارثة غير الإنسانية وغير العادلة لما حصل من وفاق على تدمير مصر وسيطرة الصهاينة بلا هوادة على نفوذ المنطقة العربية. وكان يعني ديغول من ذلك مناقضة الأدبيات الفرنسية.

يرى قادة فرنسا أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تكون لها اليد العليا في كُلّ شيء، مدعومة من بريطانيا. ولذا فإنّ مستقبل أوربا سوف يكون تحت قبضة الأمريكان بلا منازع وهو ما لا ترغب به فرنسا. وبناء على تلك الهواجس الفرنسية راح ديغول مرضياً حسب اعتقاده ضميره بإعلان تحريم مَدّ إسرائيل بالسلاح في السابع من تشرين الأول عام 1967م ومعلناً بان فرنسا على استعداد لتزويد مصر والدول العربية بالأسلحة والخبرات العسكرية (101). وبالتأكيد لم يروق عمل ديكول لبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والسبب يعود لكون الدولتين الغربيتين تحاول إنهاء مصر ودورها وهما قاب قوسين أو أدنى من ذلك وفرنسا تحاول أن تدفع الثقة في نفس العرب مرة أخرى. أما الاتحاد السوفيتي فأنَّه يرى نهاية خطواته التي أرساها خروشوف ودمرها بريجنيف وبالتالي سوف تؤدي إِلى انحسار خطوطها الممتدة داخل المناطق العربية الأخرى، لانعدام الثقة بينهم ولذا راح بريجنيف يتسابق مَعَ فرنسا بتجهيز مصر وسوريا عسكرياً، ليس من الناحية الدفاعية وحسب بل حَتَّى بالأسلحة الهجومية التي تجعل من مصر قوة مواجهة لإسرائيل.

مَعَ تغيير مواقف الدول الغربية الأخرى لقناعة فرنسا بضرورة عدم إعطاء اليهود يداً عُليا في المنطقة، صار البريطانيون والأمريكيون يرمون بشباكهم لمواجهة الخطر غير المتوقع والمتزامن مَعَ التفاف الشعب العربي حول مصر. وكان نجاح حرب الاستنزاف قَدْ أرهقت إسرائيل وبريطانيا وأمريكا مسببة ظهور هجرة معاكسة من داخل إسرائيل إِلى مواطن اليهود الأصلية (96). فرأت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ضرورة تفعيل نظرية بروكن التي بدأ تطبيقها خلال الخمس سنوات الماضية. فبدأت خيوط اللعبة الجديدة تظهر للعيان من خلال تنشيط بعض الأحزاب السياسية في منطقة الشرق الأوسط وتنشيط شخصياتها البالية. تلك الشخصيات التي كان لها دور كبير في إفشال أيّ مشروع شعبي في الخمسينات. متخذين النكسة والهزيمة الفادحة التي حلت بالعرب عام 1967م، باباً لترويج أطروحتهم المعروفة لدى الشعب. ولما بات الفشل هو الحليف لتلك الأحزاب الرديئة الفاسدة التي مازال ماضيها يرن في أذن كُلّ مواطن عربي.

أقدمت المخابرات المركزية البريطانية والأمريكية وبمساعدة العربية السعودية والكويت والأردن والمغرب ترتب وصول هؤلاء للسلطة. فكان هنا انقلاب عسكري وهناك ملك جديد وتارة إعلان عن تأسيس منظمة فدائية جديدة وأخرى اغتيالات لشخصيات وطنية وهلّم جرا. حَتَّى تمكنت من إشعال فتيل الحروب الداخلية في بعض البلدان العربية وهيمنة أحزاب وقادة جدد على السلطة المدارة بالتعسف والقضاء على كُلّ نفس وطني (70,94).

وَمَعَ النشاطات المتزايد للمخابرات الأمريكية والبريطانية في المنطقة العربية وخاصة تلك التي تتمتع بوفرة الموارد البترولية، لكنهما لم يتمكنا من تهدئة الوضع ومنع الإصرار الشعبي لإزالة ما يسمى بإسرائيل، أو على الأقل استرداد ما احتل في الخامس من حزيران عام 1967م ولو تحت راية قرارات مجلس الأمن الدولي. فبعد وفاة عبد الناصر بطريقة تبدو ليومنا هذا غير واضحة المعالم، برز أنور السادات حليف الثلاثينات وحَتَّى اليوم ليكون الضالة التي يمكن من خلالها تنفيذ ما يجول بخاطرهم وإيقاف التهديد الذي لا مفرّ منه لإنهاء إسرائيل من الخريطة الشرق أوسطية إذ ما استمرّت القضية الفلسطينية بإطارها الشعبي المعهود (95, 102).

كان السادات وبالصورة التي تَمَّ فيها تنصيبه رئيساً لأهم دولة عربية في المنطقة مواجهة لإسرائيل، مهام لابُدَ من تنفيذها. تلك المهام بدت من أول وهلة تَصُبّ في كيفية تحديد مسار مصر تجاه القضية الفلسطينية خاصة، وللانتماء العربي عامة. وعلى ضوء ذلك وخلال فترة أقل من سنة أجرى التحولات الجذرية التالية:

1. إطلاق سراح كافة المحكومين بتهمة التجسس لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وإعطائهم كافة حقوقهم وتعيين بعضاً منهم في مؤسسات إعلامية حكومية مصرية.

2. إقصاء الكادر السياسي والعسكري الذي كان يعمل ضمن الدولة المصرية في عهد عبد الناصر وإبداله بعناصر معروفة بميلها للولايات المتحدة الأمريكية.

3. منع الصحف والإذاعة والتلفزيون المصري من إثارة المسائل السياسية المتناحر عليها ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والغرب مَعَ الدول العربية وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

4. إلغاء كافة العقود التجارية المدنية التي تَمَّ التعاقد مَعَ الاتحاد السوفيتي ودول الكتلة الشرقية في الفترة التي أعقبت الأول من آب عام 1970م.

5. تقليص نسبة الخبراء العسكريين السوفيت بواقع 50% ليصل حدّ %100 مَعَ فبراير عام 1972م.

6. إيقاف جميع الاتفاقات الثقافية والعلمية والعسكرية بما فيها المنح والبعثات المجانية مَعَ الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية.

7. تقليص الاعتماد على التسليح السوفيتي بواقع 70% بدءاً من يوليو 1971م وتعويضها بالتعاقد مَعَ دول غرب أوربا.

8. فتح الأسواق المصرية لاستثمارات الغربية مَعَ ضمان الدولة المصرية حماية تلك الأموال المتدفقة.

9. إلغاء المقاطعة العربية على بعض الشركات الأمريكية التي سبق وإن أدرجت في القائمة السوداء لتعاونها مَعَ الكيان الصهيوني والسماح للبضائع الغربية والأمريكية بغزو السوق المحلية المصرية مَعَ فرض رسوم جمركية رمزية.

10. العمل على تغيير المناهج المصرية المدرسية والتقليل من أهمية القضية العربية والعداء للغرب بما يتناسب مَعَ المرحلة الحالية.



إن ما ورد أعلاه جملة قليلة من التغيرات التي أقدم عليها السادات لغرض إرباك الساحة المصرية وسلخها من الشارع العربي رويداً رويداً بعد أن تخلص من الواجهات السياسية الوطنية بإلقائها في السجن تحت ذريعة العمل على قلب نظام الحكم. وشهدت مصر نتيجة لتلك التغيرات الجذرية في أقل من سنة تسريح دفعات كبيرة من جيش الاحتياط وفوجئ هؤلاء بفِقْدان أعمالهم تحت ذريعة ترشيد دوائر الدولة وطرد الزائدين عن العمل. فبدأت الهجرة العشوائية من مصر إِلى البلدان الأخرى بعد أن كانت سابقاً تجري ضمن عقود تبادل الخبرات أو التزويد بالعمالة المصرية. ناهيك عن التضخم والغلاء الفاحش حين قرر أنور السادات رفع يَدّ الدولة عن دعم المواد الأساسية المعيشية للفرد المصري.

وَمَعَ الشرخ والتخريب الذي أحدثه السادات بأقل من سنة كان في الجانب الأخر طلائع مثقفة شابة قَدْ انتبهت لما يحدث وأهداف تلك العملية التي بدأت تتسلل لِكُلِّ بيت مصري. فكانت إضرابات الطلبة التي بدأت في 24 يناير/كانون الثاني عام 1971م تحت شعار "لا لما يسمى بالإصلاحات بل للحرب وتحرير الأراضي". تلك الإضرابات التي سرعان ما امتدت لتشمل ليس القاهرة وجامعاتها، بل عموم مصر مما اضطر السادات أن يشجبها علناً ويتوعد بمن سمى نفسه باللجنة الوطنية الطلابية العليا. وبها أعطى السادات اليد العليا للجهات الأمنية للقضاء على كُلّ من يشتبه بأنَّه ينادي لتحرير الأرض وعدم السكوت عن ما يجري من تغيرات سبق وإن ذكرناها أعلاه. وبالفعل تمكن السادات خلال أسابيع من كتم صوت الشارع المصري بعد أن أجاد اللعبة وراح ينادي بأننا لابُدَ من استعادة أراضينا دون أن يوضح كيف وبأيّ حساب.

لَقَدْ بدا واضحاً للمعسكر الغربي أنَّه لا يمكن لأنور السادات ولا لغيره من أن يجند الشارع المصري لعملية مستقبلية كبيرة دون أن تكون هناك حرب، يمكن من خلالها استرداد الحقوق العربية. ومن خلال استطلاع أجرته المخابرات الأمريكية في مصر بعد إضراب الطلبة بعدة أشهر، من خلال صحيفة الواشنطن بوست (103)، حول إمكانية عقد صلح مَعَ إسرائيل، تبين إن الشارع المصري 100% لا يرغب إلا باسترداد كامل فلسطين. وهو ما أربك المخطط المرسوم من قبل والذي يتضمن ضرورة عقد صلح مَعَ إسرائيل قبل نهاية عام 1972م ومهما كانت الظروف السياسية التي تحيط بالمنطقة العربية (81). وعليه كان لابُدَ من أن ترى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مخرجا لإقرار السلام بشجاعة ساداتية من خلال حرب ولو تكتيكية لامتصاص النقمة العربية المزمنة في عنفوان الفرد العربي.

وتماشياً مَعَ الهواجس البريطانية والأمريكية ومن خلال المناقشات الطويلة مَعَ الاتحاد السوفيتي في مباحثات سلت واحد، بدأت حرب أكتوبر دون إنذار مسبق لإسرائيل وبضوء أخضر من الدول الكبرى. وذلك لمعرفة مدى كفاءة العرب كشعب وليس كحكومات على ما يؤمنوا به، فتحطم خطّ بارليف بساعات وصالت الطائرات الحربية العربية في أعماق إسرائيل في الأسبوع الأول وباتت القطعات الإسرائيلية لا تصمد أمام هدير المتعطشين لاسترداد الكرامة. عندها تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية لإيقاف ما لا يمكن السيطرة عليه فكانت فتحة الدفرسوار التي رفض أنور السادات مناقشتها مَعَ رئيس الأركان المصري الجنرال سعد الدين الشاذلي وأخبره بان يدعها كما هي.

لَقَدْ بدأت اللعبة المريبة الساداتية - الأمريكية تلف جذورها فزادت قطعات العدو الصهيوني من سبع دبابات إِلى ثلاثة ألوية في فتحة الدفرسوار، والسادات مازال يرفض حَتَّى زرع المنطقة بالألغام. مهدداً الشاذلي بالعزل من رئاسة الأركان وفي عنفوان المعركة إذا ما أصر على اتخاذ قرار عسكري دون استشارة القائد العام للقوات المسلحة والذي كان في حينها السادات نفسه. وما أن اكتمل الالتفاف الإسرائيلي حَتَّى فاجأ السادات الكُلّ بوقف إطلاق النار بعد ما حقق ما أراد أسياده. ثُمّ عاد معلناً التفاوض المباشر مَعَ إسرائيل وزيارتها وبذلك أحدث الشرخ الذي كان يصبو له الغرب في المنطقة العربية. وَحيَّدَ دور مصر العربي القومي لتتقوقع كدولة شرق أوسطية لم يكن من أهدافها بعد اليوم تحرير فلسطين من لدن الصهيونية العالمية. وبذلك جعل المتناقضات تناقض نفسها دون كَدّ وتعب من لدن المخابرات الغربية المنهمكة في فَضّ نزاع التسلح النووي مَعَ المعسكر الاشتراكي الذي بات يهدد انهيار أحد المعسكرين وبقاء الأقوى (95,96,98, 102).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:32

الدول العربية نووياً


نظراً للجمود الاقتصادي الذي حَلّ بالعالم عام 1973م، اتفق السوفيت والأمريكان على إعطاء منطقة الشرق الأوسط حَقّ الاستفادة من اتفاقية عام 1968م المعمول بها عام 1970م. والتي تمكن أيّ دولة من تطوير برامجها النووية السلمية ولكن شرط توقيع اتفاقية الوقاية النووية، التي تعطي حَقّ المنظمة الدولية للطاقة النووية العالمية صلاحيات كبرى، قَدْ تدخل في ضمنها حدّ إلغاء أيّ مشروع نووي وإن كان سلمياً دون أيّ نقاش. كان الغرض من هذه الموافقة السماح بسيل الأموال النقدية التي تدخرها دول المنطقة في البنوك العالمية لتأخذ طريقها لخزانة الدول النووية الكبرى. وَمَعَ هذا التوجه الدولي الجديد وصلت الدفعات الأولى من الباحثين النوويين القادمين من أوربا الشرقية والغربية وكندا للمنطقة العربية. وبدأت كُلّ من سورية والجزائر والعراق إضافة لمصر في البحث عن سوق لشراء ما يمكنهم من معدات وتكنولوجية لتنفيذ برامجهم النووية. فكان الاتحاد السوفيتي والصين من نصيب سورية ومصر وكانت فرنسا وإيطاليا من نصيب العراق والجزائر وليبيا.

ومقارنة بين تلك الدول العربية الخمس، نجد لم يكن هناك برنامج نووي حقيقي وكبير غير البرنامج العراقي، نظراً لتمكنه من تسديد نفقات متطلبات مثل هذا المشروع دون مساعدة من أية دولة عربية أخرى. إضافة إِلى توفر الكوادر التي يمكن أن تلعب دور ما في المجال النووي وبحوثه المستقبلية.

بدأ الخبراء العراقيون في منتصف عام 1970م يتوافدون على فرنسا للتدريب من أجل استلام مهام عملهم مستقبلاً في العراق. في حين كانت هناك مباحثات حكومية جارية بين العراق وفرنسا حول الإنشاء والتنفيذ للمشروع. وصاحبت المباحثات الفرنسية العراقية العديد من المعوقات الأساسية للمباشرة، وأهمها البناء الهندسي. فالعراق كان يصر على بناء المفاعل النووي تحت الأرض وبعمق 50م وكانت فرنسا تعارض وتصر على بنائه فوق الأرض، متذرعة بالأسباب الفنية التي قَدْ تعوق العمل إذ ما بني تحت الأرض وفق المواصفات الهندسية العراقية. ونظراً لضيق بعد نظر ومدى تفكير الساسة والدور الذي لعبه الباحثون النوويون العراقيون، الناتج عن ضغوط منظمة الطاقة النووية الدولية، بضرورة إقناع القادة العراقيين بالموافقة على بناء المشروع فوق الأرض، وافق العراق على كُلّ شروط فرنسا وبوشر العمل بذلك وأصبح جاهزاً للأعمال المختبرية مَعَ بداية عام 1977م (98, 102, 103).

كانت الطموحات العراقية العلمية غير السياسية كبيرة جداً للوصول لنتائج مثمرة بفترة زمنية قصيرة جداً، إذ ما قورنت جهودهم بمن سبقهم في هذا المضمار. وعليه فالعراق لم يعتمد على الخبرات النووية الفرنسية فحسب، بل تعدت إِلى حدود الاستنجاد بالسوفيت وبعض دول المعسكر الاشتراكي. الذين منحوا خبرتهم للعراق مقابل الظفر ببعض الامتيازات النفطية والعقود التجارية الكبيرة كما حصل مَعَ بولندا وألمانية الشرقية (103).



8.2.2 الكيان الإسرائيلي نووياً

أما على صعيد الشرق الأوسط فَقَدْ كان المجال النووي مازال محرما على تركيا وفق الاتفاقيات السوفيتية الأمريكية، لكن بوادره التدريبية الفنية بدأت تظهر في إيران مَعَ نهاية عام 1974م. أيّ بعد إعلان رئيس الكيان الصهيوني امتلاك بلاده للسلاح النووي. وكما ذكرنا في إحدى فقرات بحثنا، أن لإسرائيل تاريخاً طويلاً في المجال النووي خاصة بعد استلامها المفاعل النووي الفرنسي عام 1963م الواقع في ديمونة والذي بمقدوره إنتاج قنبلتين نوويتين كُلّ ثلاثة سنوات. ولكن هل يعقل أن إسرائيل سوف تنتظر سنوات حَتَّى يتمكن مفاعل ديمونة من إنتاج البلوتونيوم لتصنيع قنابله الذرية دون أن تمتد يَدّ المساعدة الغربية إليها؟ بالطبع لا!

فَفِي آذار عام 1968م وبصورة رسمية قام أحد عملاء الموساد الإسرائيلي وبصفته ممثل عن شركة كيماوية إيطالية بميلان بعقد صفقة شراء يورانيوم بما يعادل 4 مليارات دولار. وَقَدْ أقرت الصفقة حكومياً من قبل دائرة الذرة الأوربية وَتَمَّ شحنها على ظهر سفينة ألمانية تسمى سكيربرجز Scheersberg. إذ غادرت هذه السفينة وهي محملة باليورانيوم مدينة أنتورب Antwerp وبمجرد وصولها عرض البحر شرع تحميلها بطائرات إسرائيلية أرسلت لهذا الغرض وتبين فيما بعد أن تلك الشركة الإيطالية الحكومية وهمية المنشأ (104,105,106,1076).

في صيف عام 1968م أعلنت السلطات الألمانية الغربية عن اختفاء باخرة أخرى في عرض البحر تحمل ما يقارب 200 طن من اليورانيوم وَتَمَّ غلق الموضوع دون اتخاذ أيّ إجراء تحقيقي مَعَ دوائر المراقبة التجارية لليورانيوم أو البحث عن الأسباب، علاوة على ظهور الباخرة مرة أخرى فارغة من حمولتها وتحمّل غير أسمها الأصلي. ومرت السنون دون أن يتفوه أحد لتعليل سبب اختفاء هذه الكمية الكبيرة من اليورانيوم، حَتَّى ألقت السلطات النرويجية القبض على رجل المخابرات الإسرائيلي دان إيربل Dan Aerbl عام 1973م، بتهمة اغتيال العربي أحمد بوقجكي. إذ اعترف في أحد جلسات المحكمة بتورطه في خطف الباخرة الألمانية المحملة باليورانيوم وقيادتها لإسرائيل (98). وبينما كان المحامي النرويجي هاكن وايكر Haaken Wiker مازال يفضح المخططات الغربية لمساعدة إسرائيل بمدها باليورانيوم أعلنت السلطات النووية البريطانية في منتصف تموز عام 1977م عن اختفاء ما يقارب 100 كيلوغرام من البلوتونيوم المحفوظ في مراكز البحوث النووية البريطانية ومُنْذُ عام 1970م. وجاءت تلك الحادثة مؤكدةً على أن مثل هذه الكمية تكفي لصنع أثني عشر قنبلة ذرية (98,104).

لم تَمُرّ إلا أسابيع قليلة حَتَّى راحت الأخبار تنقل لنا في الثلاثين من تموز عام 1977م قصة اختفاء 66.6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، وبعض الأجهزة الإلكترونية التكنيكية المهمة في صناعة الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية المحفوظ في المفاعل النووي الأمريكي أبولو Apollo في شرق بنسلفانيا الأمريكية. وبناء على تلك المعلومات المكتشفة قام أحد المحللين التابعين للمنظمة النووية الأمريكية المدعو جيمس كيلر Games Keller بمتابعة الحالة وتوصل في دراسته إِلى كون تلك الكمية من اليورانيوم المخصب قَدْ أرسلت إِلى إسرائيل سرّاً. فكتب بذلك مذكرة للرئيس الأمريكي جيمي كارتر يعلمه بخطورة ما يحدث وضرورة اتخاذ أجراء لحصر كميات اليورانيوم الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية. وعليه فَقَدْ أقدم كارتر على تكريم هذا الموظف بإحالته للتحقيق بتهمة تشويه العلاقات الدبلوماسية مَعَ الدول الصديقة ونقله إِلى مكان أخر لا علاقة له بالنوويات (105,106).

إن ما قام به كارتر لم يكن كافياً لطمس ما بدا ظاهراً للعيان، بل وصلت تلك المسألة حدّ المناقشة في الكونجرس الأمريكي، الذي أمر بحصر كمية اليورانيوم وتحديد الكمية المفقودة منها. فقامت السلطات النووية الأمريكية بدراسة الموقف وتبين لها فِقْدان ما يقارب 1545.45 كيلوغرام من البلوتونيوم و 2289.5 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب. وتأكد فيما بعد أن تلك الكمية قَدْ شحنت إِلى إسرائيل سرّاً فقرر الرئيس كارتر اعتبارها مفقودة (104,105).

فمن خلال امتلاك إسرائيل هذه الكمية الكبيرة من اليورانيوم والبلوتونيوم فأنها مَعَ نهاية هذا العقد تكون قَدْ امتلكت من اليورانيوم والبلوتونيوم ما يكفيها لصنع أكثر من 400 قنبلة ذرية. بواقع تفجيري يقدر حوالي 20 كيلوطن من المتفجرات. وبالتالي فَقَدْ ضمن الغرب سيطرة إسرائيل نووياً لتكون أداة لقلب موازين القوى مَعَ تقدم نهاية القرن العشرين.

الغرض من الإلمامة أعلاه حول الموقف النووي الصهيوني قياساً بدول الشرق الأوسط، هو إعطاء نبذة تاريخية مهمة لما كان يدور من أحداث غامضة في دول الغرب. كانت جميعها تَصُبّ في كيفية تعزيز الموقف الصهيوني نووياً دون الحاجة لإسرائيل لكي تمرّ بالروتين التصنيعي للنوويات، سواء كان سلمياً أو حربياً. وعلاوة على ذلك فهناك تاريخ متسلسل ومؤسسات صهيونية نشطة لإنتاج الأسلحة تحاول الصحافة الغربية أن لا تكشف أسرارها بصورة أَو أخرى. ولعلنا أن نقوم هنا بوضع البرنامج التسليحي الإسرائيلي وتاريخه تفصيلياً لكي يتمكن القارئ من معرفة خبايا الأمور ومدى تأثيرها في موازين القوى، ليست في منطقة الشرق الأوسط وحدها. بل تحاول أن تعتبرها ورقة ضغط عالية الكفاءة لإرغام الدول الممتلكة لإقرار أهداف إسرائيل في المنطقة بصورة ما.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:32

إسرائيل والأسلحة النووية

يشير المهتمون بالسياسة النووية الدولية تاريخياً، أن إسرائيل كثيراً ما كان يصرح قادتها بأنها سوف لن تكون الدولة الأولى في امتلاك السلاح النووي. ومثل هذه التصريحات تبدو ذات طابعين أساسيين. الأول يعني سرية العمل في هذا الجانب دون الإعلان ولو بإشارة بسيطة، والأخرى إعطاء إسرائيل الحَقّ في امتلاك السلاح النووي إذا ما امتلكته أيّ دولة شرق أوسطية تحت غطاء ما يسمى بحماية أمن الكيان الإسرائيلي. ولكن الخبراء وبناءاً على ما بينا مسبقاً من نواح تاريخية عديدة في هذا المضمار كانوا يميلون في تحليلاتهم، إِلى إن إسرائيل ليست لها قابلية وقوة فنية واقتصادية للبحوث والتطبيقات النووية. مؤكدين أنَّه أَيضاً يجب إن لا يخفى إن تلك الدولة ومُنْذُ المراحل الأولى لقيام كيانها كانت يعمل بمساعدة الغرب واستعطافهم لبناء ترسانة من الأسلحة النووية حَتَّى ولو كانت هبة وبإدارة من الدولة المانحة (107).

مَعَ هذه التكهنات التي كان يحملها خبراء النوويات في المراحل الأولى لقيام الكيان الإسرائيلي، جاء التأكيد على امتلاكها للسلاح النووي على لسان سفيرها في الولايات المتحدة الأمريكية. إذ صرح إسحاق رابين بقوله (108):

"سوف لم تكن إسرائيل أول دولة تجري تجربتها على السلاح النووي، وليس أول دولة تعلن عن امتلاكها لمثل هذا السلاح.".

هذا التصريح عزز ما يكنه الخبراء النوويين من حقيقة ليست موثقة أن إسرائيل تطور سلاحاً نووياً بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. وانتقل الاستفسار من حقيقة امتلاكهم للسلاح النووي إِلى حقيقة ماهية نوع السلاح الذي تمتلكه إسرائيل وحجمه وقوته التدميرية ومدى تأثيره على العوامل السياسية والاقتصادية المستقبلية في المنطقة. وبالإضافة إِلى تلك الهواجس التي بدأ ينفثها المهتمون بالنوويات بدأت بصورة عفوية أو مقصودة تتسرب من هنا وهناك بعض الإشارات التي تعزز قدم امتلاك إسرائيل للمفاعل النووية. من هذه الإشارات ما نشر من صور مهمة كانت طائرة التجسس الأمريكية U-2 قَدْ التقطتها للمفاعل النووي الإسرائيلي وبعض منشأته الحيوية المهمة عام 1958م. والتي بقيت طَيّ الكتمان ولم تنشر إلا في عام 1973م بعد تصريح السفير الإسرائيلي بواشنطن (106).

ولكن يبقى الكنز الكبير الذي كشف سعة التطور النووي الإسرائيلي ولأول مرة كامن في ما أسدى به من معلومات العالم النووي الإسرائيلي مردوخ فانونو Mordechai Vanunu. فَفِي مقابلة بلندن أجرتها مَعَهُ صحيفة الصندي تايمز في عام 1986م (109)، أعطى فانونو الذي كان يعمل لسنوات عدة في مفاعل ديمونة، تصويراً كاملاً عن الأسس الذاتية النووية للمفاعل الإسرائيلي. وأبرز صوراً ووثائق تؤكد وتبين خزن القنابل الذرية الإسرائيلية في القرب من هذا المفاعل في أبنية محصنة صممت خصيصا للاحتفاظ بهذا المنتج المهم. وَقَدْ سلمت تلك الوثائق والصور والأشكال الصناعية للقنابل النووية الإسرائيلية فيما بعد إِلى مصممي أسلحة يعملون في مختبرات لوس ألمس Los Alamos وليفرمور Livermore في الولايات المتحدة الأمريكية لغرض دراستها ومعرفة مدى إمكانية إسرائيل النووية.

وبطلب من صحيفة الصندي تايمز جرى دراسة الصور والوثائق المسلمة من مردوخ فانونو أَيضاً، مَعَ العالم الفيزيائي النووي البريطاني فرانك برانبي Frank Barnaby الذي كان يعمل في المفاعل النووي في الدرميستن Aldermaston ومن ثُمّ في نصب المنشأة النووية البريطانية British Nuclear Weapons Installation. إذ بين برانبي أن ما أدلى به مردوخ فانونو حقائق علمية واضحة لا تقبل الشكّ أبدا (106,109).

لَقَدْ تبين من مقابلة مردوخ فانونو أَيضاً أنَّه قبل أن تبدأ حرب أكتوبر عام 1973م كان لدى إسرائيل ما يقارب 25 قنبلة ذرية صغيرة. وليس هذا بالمستبعد إذ ما وضعنا في نظر الاعتبار كمية اليورانيوم التي حصلت عليها إسرائيل من ألمانية خلال سنة 1968م كما ذكرنا مسبقاً. والتي تصل حوالي 550 طن من اليورانيوم الخام ومن بلد أوربي واحد فقط. وأضاف فنون كذلك أنَّه بعد عام 1984م تَمَّ تطوير الأسلحة النووية الإسرائيلية وبناء مفاعلات أخرى ذات قوة تضاهي 250 ميجاوات وهو ما أعلن في إسرائيل أَيضاً رسمياً عام 1989م. وعليه وبالاستناد إِلى كُلّ المعلومات المتوفرة يعتقد الخبراء النوويون أن لدى إسرائيل ما يقارب 100 رأس نووي على أقل تقدير (106, 110). هذا الكم الهائل الذي يعتقد إن إسرائيل تمتلكه سوف نتطرق إليه في التفصيل لاحقاً، لغرض وضع الحجم الحقيقي لترسانة الأسلحة النووية الإسرائيلية، ومدى خطورتها على دول الشرق الأوسط وخاصة العربية والإسلامية بين يدي القارئ الكريم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:33

البنى الإسرائيلية النووية التحتية

يمكن إجمال أهم المؤسسات النووية الإسرائيلية ومواقعها ودورها وطبيعتها النووية بما فيها المفاعلات المنتجة لحين نهاية مرحلة السبعينيات إِلى ما يلي (106,110,111):

1. ديمونة Dimona: وتقع في صحراء نجف Negev Desert وتتكون من مفاعل نووي يعمل بواسطة القوة المائية ومفاعل للتحضيرات الكيميائية وأبنية أخرى. يبلغ قطر المفاعل النووي هذا عشرون متراً ويمكنه أن ينتج حسب رواية مردوخ فانونو 1.2 كغم من اليورانيوم المخصب في الأسبوع الواحد. وهو ما يعني أن مفاعل ديمونة يمكنه أن ينتج من أربعة إِلى أثني عشر رأس نووي في السنة الواحدة ويعمل بطاقة 120 إِلى 150 ميجاوات.

2. سوراك Soreq: وهو مركز للأبحاث النووية ويحتوي على مفاعل نووي صغير لغرض الأبحاث فقط ويخضع لمراقبة وكالة الطاقة النووية العالمية IAEA (International Atomic Energy Agency). وَمَعَ هذا فتشير تقارير تلك المنظمة إِلى الاعتقاد إن إسرائيل استعملته في فترات متعددة في إنتاج أسلحة نووية تكتيكية (111).

3. يودفيت Yodefat: مؤسسة نووية تقوم في بناء وتفكيك الأسلحة النووية وتقع قرب مفاعل ديمونة بحوالي عشرة أميال.

4. كفر زكريا Kfar Zechariah: وهي مؤسسة نووية تعنى ببناء صاروخ جركو- 2 الحامل Jericho-II للرؤوس النووية. ويعتقد أنَّه تَمَّ بناء ما يقارب 50 صاروخ من هذا النوع في هذه المؤسسة وهي موزعة في مخازن تحت الأرض في كُلّ من كفر زكريا Kfar Zechariah وزكريا Zechariah وهيربت زكريا Hirbat Zechariah. إذ تقع هذه المناطق بضع أميال عن جنوب شرق تل أبيب في تلال جدين Judean Hills.

5. إيلبان Eilabun: وهو مخزن للأسلحة النووية التكتيكية ويقع في منطقة شرق الجليل.

6. بير ياكوف Be'er Yaakov: وهو مصنع لصنع صواريخ جريكو بعيد المدى مشيد تحت الأرض في منطقة بير ياكوف.

7. نيفيتام Nevatim: وهي قاعدة عسكرية نووية تحت الأرض في مطار نيفيتام قرب صحراء النقب.

8. بلمجم Palmachim: قاعدة صاروخية نووية في جنوب تل أبيب وتحتوي على أجهزة لتجربة إطلاق الصواريخ النووية وقاعدة إطلاق نووية.

9. روفائيل Rafael: وهي مؤسسة تحتوي على مختبر لتصميم الأسلحة النووية ومختبر لتصميم الصواريخ النووية بالإضافة إِلى وحدة تجميع الرؤوس النووية. وتقع هذه المؤسسة في حيفا بفلسطين المحتلة.

10. سيدوت ميخا Sedot Mikha: وهي ثلاثة قواعد صاروخية نووية مُجهّزة بصواريخ جريكو مختلفة الأنواع موزعة على أركان ما يسمى بإسرائيل الآمنة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:33

ما تمتلكه إسرائيلي من أسلحة نووية

بالاستناد إِلى تلك المؤسسات النووية وقواعدها ومختبراتها المدونة أعلاه يتوقع إن إسرائيل تمتلك حَتَّى نهاية 1979م ما يقارب 100 سلاح نووي مختلف. كما تمكن النوويون من تحديد الآلة التي يمكن لإسرائيل استخدامها في إطلاق رؤوسها النووية والتي تتجسد في صواريخ جريكو - 1 Jericho-I وجريكو-2 Jericho-II. واللذان يمكن معرفة خصائصهما وقابليتهما التدميرية أدناه (113, 114, 116, 117, 118):

1. جريكو - 1 Jericho-I: وتكنيكياً يسمى بصاروخ LUZ YA-1 وَقَدْ تَمَّ صنع أول نسخة منه في عام 1973م إذ كان يحمل في حينها رأس نووي مفرد. ولهذا الصاروخ خاصية حمل السلاح البايولوجي والكيمياوي على حدّ سواء، ويبلغ مدى أصابته الدقيقة 500 كيلومتراً ويتحمل ما وزنه 500 كيلوغرام من العتاد الحربي. وفي الحقيقة أن تكنولوجية هذا الصاروخ بحذافيرها مبنية على أساس الصاروخ الفرنسي البعيد المدى المعروف بـ: ديسلت أم دي 600 (Dassault MD-600). ويعتقد إن إسرائيل تمتلك لحين كتابة هذا البحث ما يقارب 50 إِلى 70 صاروخ من هذا النوع حاملاً للسلاح النووي، بالإضافة إِلى حوالي 120 صاروخ من هذا النوع يحمل إما سِلاحاً بيولوجياً أو كيماوياً. كما تمتلك الترسانة الإسرائيلية التسليحية ما يقارب 1300 صاروخ من هذا النوع حاملاً للعتاد التفجيري التقليدي.

2. جريكو - 2 Jericho-II: وتكنيكياً يسمى بصاروخ LUZ YA-3 وَقَدْ تَمَّ تطويره عام 1978م وتمكنوا تصنيع أول نسخة متطورة منه في عام 1990م إذ يمكنه حمل رأس منفرد. ولهذا الصاروخ خاصية حمل السلاح البايولوجي والكيمياوي على حدّ سواء، ويبلغ مدى أصابته الدقيقة 1500 كيلومتراً ويتحمل ما وزنه 1000 كيلوغرام من العتاد الحربي. وهو نسخة مطورة من الصاروخ السابق Jericho-I. ويعتبر هذا الصاروخ من الأسلحة المتطورة جداً لدقته في إصابة الهدف ومداه الذي يمكن أن يصل لِحَدّ ضرب أعمق نقطة في إيران والدول العربية الأخرى من مشرقها إِلى مغربها. كما إن خاصية هذا الصاروخ تكمن أَيضاً بإضافة تكنولوجية التوجيه بواسطة القمر الصناعي ويعتقد إن إسرائيل تمتلك من هذا النوع الحامل للسلاح النووي لحين كتابة هذا البحث، ما يقارب 55 صاروخاً موزعة حول حدود ما يسمى بإسرائيل الآمنة. بالإضافة إِلى 44 صاروخاً حاملاً للسلاح الكيمياوي و 62 صاروخاً حاملاً للسلاح البايولوجي و 700 صاروخ حامل للعتاد التقليدي.

3. إف-4 أي-2000 F-4E-2000: وهو نوع من طائرات الفانتوم الأمريكية المطورة لحمل قنابل نووية تكتيكية يمكن أن يصل مدى رميها جوّاً ما يقارب 1600 كيلومتراً. وتحتفظ إسرائيل بما يقارب 50 طائرة من هذا النوع يمكن لِكُلِّ منها حمل أثني عشر قنبلة نووية تكتيكية. كما لدى إسرائيل برامج تطويري نووي أخر لنوع أمريكي من طائرات الفانتوم F-16 يعتقد انتهى العمل منه في سبتمبر من عام 2001م. هذا المشروع عمل على تطوير ما يقارب 205 طائرة من هذا النوع لحمل السلاح التكتيكي النووي والبايولوجي والكيمياوي جوّاً لإلقائه بدقة من على بعد 630 كيلومتراً عن الهدف المرسوم. كما لها القابلية على حمل 30 إِلى 44 قنبلة من هذا النوع في آنٍ واحد تصل القوة التدميرية لِكُلِّ منها خمس القوة التدميرية للقنبلة التي أُلقيت على هيروشيما.

4. المدفعية النووية Nuclear Artillery: حسبما جاء على لسان سايمر هرش (Seymour Hersh (119، أن إسرائيل طورت عام 1973م ثلاثة أنواع من المدفعية النووية كُلّ منها له القابلية على إطلاق أثني عشر قذيفة متوسطة المدى من نوع 175 mm cannons. ويعتقد أن لإسرائيل حَتَّى كتابة هذه السطور ما يقارب 177 قطعة مدفعية من هذا النوع. وتعتبر هذه المعلومة من المعلومات المهمة بالنسبة للباحثين النوويين لكون هرش الذي صرح بتلك المعلومة قَدْ نقلها عن آير بن منش Air Ben-Menashe الذي كان يعمل مديراً عاماً لقسم العلاقات العسكرية الخارجية الإسرائيلية بوزارة الدفاع والذي أُلقي القبض عليه في أكتوبر من عام 1979 في الولايات المتحدة الأمريكية بتهمة محاولته بيع إيران طائرات C-130 العسكرية الإسرائيلية الصنع. وبعد اعتقاله واستجوابه أعلن أمام التحقيق تلك المعلومات أعلاه عن البرنامج النووي الإسرائيلي وملابساته (116, 118).

تلك بعض من الأسلحة التي يمتلكها الكيان الصهيوني تمكنا من معرفتها بالاستناد إِلى ما متوفر من مصادر للبحث. وَقَدْ تبين إن امتلاك إسرائيل لهذا السلاح الفتاك كان دون أدنى شكّ على مسمع ومرأى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين، ولعلنا نتطرق إِلى معلومات أكثر عن سلاح الكيان الصهيوني النووي وتطوره وتأثيره في مستقبل منطقة الشرق الأوسط في الفصول القادمة من هذا البحث. لتكتمل الصورة الحقيقة لمفهوم الصراع وإلقاء بواسطة امتلاك السلاح النووي الفتاك.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:33

الاهتمام الغربي في منطقة الخليج العربي

الحقائق البترولية التي تَمَّ وضعها بصورة مختصرة سلفاً، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تترقبها عن كثب وتتخذ حَلاً لِكُلِّ خطوة بعد خطوة وتحرص على إنجازها بنجاح، كي لا تفاجئ بما لا يحمد عقباه. ولعلها بدأت تفكر مَلِياً مَعَ عام 1965م عندما أقدمت على إنشاء قواعد عسكرية مصغرة لحماية منشأتها النفطية في المملكة العربية السعودية. إلا إن الصورة الجدية في العمل الأمريكي بدأ يأخذ صوره الحقيقة بعد حرب عام 1967م، عندما صرح رئيس الوزراء العراقي السابق طاهر يحيى بضرورة استعمال البترول كسلاح. وكان الغرض من هذا التصريح في حينه، إيقاف دعم الغرب للعدو الصهيوني وإجباره على الانسحاب من الأراضي المحتلة في هزيمة 1967م. وهو تصريح لاقى إعجاب الساسة العرب حينذاك، وأعطاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أهمية قصوى.

ولكن تَنَصُل بعض دول الخليج العربي من هذه المهمة من جهة، وعمل الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أُخرى على تفتيت هذا المبدأ من خلال تغيير بعض أنظمة الحكم بانقلابات عسكرية، غَيّر المفهوم من طرح سياسي إِلى ضرورة لابُدَ من العمل على احتوائها. ولعل حرب أُكتوبر وما أنجزه الجيش العربي من انتصار على الجبهات القتالية ولو نسبياً، وتصاعد صيحات الشارع العربي بإيقاف تدفق البترول العربي وضرورة سيطرة العرب على أسعار البترول سيطرة تامة، كان هو الأساس الذي غَيّر الاستراتيجية الغربية نحو منطقة الخليج العربي بصورة مذهلة. إذ عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تغيير سياستها الاستراتيجية تجاه منطقة الخليج العربي. وأصبحت إحدى خطط الولايات المتحدة الأمريكية الاستراتيجية تأخذ حيزاً مغايراً وتبدّلاً ملحوظاً. حَيْثُ تغيرت خطتها الاستراتيجية من العمل على احتواء التصدع وحماية الأنظمة الحليفة لها في المنطقة، إِلى العمل على تنفيذ خطة استراتيجية أكثر خطورة وأهمية لمستقبل مصالحها.

هذه الخطة الاستراتيجية الجديدة تتلخص في ضرورة بناء الخطوط العسكرية المرنة لحماية البترول وتدفقه، وهو مفهوم وخطة عمل استراتيجية تخللته سياسات أُخرى سوف نجيء على شرحها لاحقاً حسبما متوفر لدينا من مصادر بهذا الخصوص.

كان أخطر تصريح متضمن التغيير الحقيقي للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة هو تصريح وزير الخزانة الأمريكية وليم سايمون في عهد الرئيس الأمريكي السابق نيكسون، الذي شغل منصبه في السابع من نوفمبر عام 1973م. وَقَدْ ردده عدة مرات، وورد فيه حرفيّاً ما يلي (120):

"هؤلاء (أيّ العرب) لا يملكون البترول إنّهم يجلسون عليه فقط، These people do not own oil, the only sit on it"

هذا التصريح المردد مراراً وتكراراً قَدْ أثر بصورة كبيرة على الواقع العربي من جهة وعلى السياسة الأمريكية من جهة أُخرى. ويبدو إن خبراء البترول الغربيين قَدْ انتبهوا إِلى محصلة ذلك، ونبهوا إِلى وجوب اتخاذ قرارات مناسبة بهذا الشأن، بعد إن تَمَّ وقف تصدير البترول للغرب في غضون حرب أُكتوبر. مما دفع هنري كيسنجر إن يصرح لصحيفة الواشنطن بوست في عددها الصادر في السابع من ديسمبر عام 1973 بقول (121):

"قرار رفع الدول المنتجة للبترول لسعر النفط اليوم، يُعَدّ من أهم الأحداث المحورية في تاريخ القرن الحالي، وعلينا معالجتها بسرعة قبل أية قضية تعتبر مهمة في كيننا".

جاء هذا التصريح عقب خلفية مهمة جداً بدأت بإيقاف صادرات البترول نتيجة حرب أُكتوبر وتخفيض إنتاج الدول العربية للبترول بواقع 5%، مما ولد ازدياداً في أسعار البترول العالمية. نتج عنه ارتفاع سعر البرميل الواحد من 5.12 دولار إِلى ما يقارب 22.18 دولاراً. وبناءاً على تلك المستجدات بدأت الولايات المتحدة الأمريكية باتخاذ بعض الإجراءات التي أرادت من خلالها أولاً التلويح لبعض الحكام في المناطق العربية الغنية بالبترول حَتَّى إن كانت غير خليجية، أنَّه من البساطة إعادة احتلال المناطق الغنية بالبترول. ويبدو إن مثل هذا التصريح الجريء الذي اعتمدته الإدارة الأمريكية آنذاك كان إنذار حقيقي للدول المنتجة للبترول، علها تبدأ بالتعاون مَعَ الولايات المتحدة الأمريكية وفق ما تريد مستقبلاً، وإشعارها بضرورة عدم استعمال البترول كسلاح في المستقبل كما حدث أبان حرب أُكتوبر وسبب كارثة للعالم الغربي لا يمكن نسيانها أبداً.

هذه التهديدات الصحفية والإعلامية سواء كانت ناتجة عن تحليل خبر أَو مقالة مكتوبة أَو ربما مقابلة أَو تصريح لسياسي تعتبر بسيطة جداً على الرغم ما أبدته من قدر معقول للقوة الصارمة، قياساً بما ورد على لسان الرموز القوية في سلطة الدولة الأمريكية حينذاك. فَفِي الرابع من فبراير عام 1974م كتب البروفيسور روبرت تيكر الذي كان يشغل منصب مستشار الشؤون النفطية في الإدارة الأمريكية في مرحلة نكسن وحَتَّى سقوط ريغان مقالاً في الواشنطن بوست يشرح فيه دراسته عن أهمية البترول العربي وموقعه في الاستراتيجية الأمريكية. وحدد فيه ما يجب إن تكون ملامح السياسة الأمريكية الجديدة تجاه البترول العربي في المستقبل القريب. ولعل أغرب ما جاء في دراسته هو الاستنتاج الأخير الذي ورد فيه حرفيّاً (122):

"إن السياسة النفطية التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية الحالية تحتاج إِلى أبعاد استراتيجية تنفذ فوراً. فالمنطقة التي تمتد من الكويت على طول الساحل الخليجي حَتَّى قطر هي في الغالب وحسبما تشير الدراسات شريط ساحلي ضيق لا يتعدى 400 ميل طولا وفي باطنه ما نسبته 40% من مجموع احتياطي العالم بأسره. وبما إن هذه المنطقة خالية من السكان وكانت الشركات الغربية هي التي اكتشفت البترول فيه فيستوجب السيطرة عليها عسكرياً قبل فوات الأوان. وسوف لا تكون السيطرة عليها حربا شبيهة بفيتنام".

من هذه الدراسة يبدو مَعَ أوائل عام 1974م كانت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيون يفكرون بصورة جدية نحو إعادة احتلال المنطقة العربية الخليجية ولو بصورة لا تبدو كاحتلال. علاوة على إن الإدارة الأمريكية قَدْ أخذت بالفعل تصريحات البروفيسور روبرت تيكر بجدبة مطلقة، بحيث إن هنري كيسنجر وزير الخارجية آنذاك صرح مباشرة لمجلة بزنس ويك قائلاً (122):

"على الولايات المتحدة الأمريكية إن تدرس بحذر ما توصل إليه البروفيسور روبرت وتقوم بعمل عسكري ضدّ تلك الدول المنتجة للنفط إذا ما أقدمت مرة أُخرى على استعمال النفط كسلاح لتحقيق أهداف سياسية، مما يسبب حالة اختناق للعالم الصناعي".

بعد تعليق كيسنجر على دراسة البروفيسور تكر ظهرت سلسلة من التصريحات بينت توجه الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها المستقبلية، لمنع ما حدث خلال حرب أُكتوبر من الحدوث مرة أُخرى. وكانت تلك التصريحات تعمل بتوجه فعّال ليس كتصريحات الساسة السابقين التي ما هي إلا تصريحات رنانة فارغة تهديدية فقط تنتهي خلال أيام. ولعل أهم دعم أساسي لتلك السياسة ووجوب تنفيذها قَدْ جاء في الرابع من مارس/أيار على لسان الرئيس الأمريكي غير المنتخب جيرالد فورد، إذ قال معقبا على ما قاله كيسنجر (123):

"صحيح إن التدخّل العسكري غير أخلاقي، ولكن إذا رجعنا لتاريخ البشرية لوجدنا الحروب قَدْ أُقيمت من أجل الموارد الطبيعية وبالتالي فهذا يمنحنا حَقّاً في التدخّل العسكري أَو أحداث مشاغبات لتسهل علينا التدخّل العسكري وبالتالي نكون قَدْ وفقنا في حماية مصالحنا أينما تكون".

وبناءاً على ما ورد أعلاه فأن الرئيس الأمريكي يؤكد بتصريحه على المشاغبات، وهي نقطة لابُدَ من الانتباه إليها وربطها مَعَ أيّ مشاغبة حدثت وسوف تحدث دون أيّ سابق إنذار لها. أيّ إن المصالح الأمريكية لا يسودها القانون بل المصلحة العليا للأمريكيين تستوجب استعمال القوة. وعلى الرغم من وجود الاتحاد السوفيتي كقوة نووية أُخرى، فأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف لن تتوانى في تهديده أَو منازلته نووياً حفاظاً على مصالحها القومية العليا التي تضمن تدفق البترول.

يتضح مما تقدم إن الولايات المتحدة الأمريكية بالذات قَدْ حددت بصورة واضحة سياستها تجاه المنطقة مَعَ النظر في كيفية استرداد المبالغ الباهظة التي تدفعها للدول المنتجة للبترول كسداد لأسعار ما تشتري منها، أَو عليها إبقاء أسعار البترول ضمن السقف المعقول الذي تراه الولايات المتحدة الأمريكية مناسباً لاقتصادها وعدم انحسارها كسوق توريدي لبضائعها. واستناداً لتلك الوقائع الحية فَقَدْ بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل توضح أمرها. فمرة بالتهديد ومرة بالترغيب لدول المنطقة ولعل هناك من استجاب وهناك من راوغ وفي النهاية أجبر على الاستجابة أَو تغييره بمن يتعاون معها.

حين رفضت بعض الدول العربية المنتجة للبترول وخاصة الكويت والعراق في حينها لم يتردد هنري كيسنجر من إن يصرح مرة أُخرى في الحادي عشر من مايو 1974م مهدداً (124):

"إن عملية التدخّل العسكري واحتلال الخليج العربي سوف لا تكون شبيهة بفيتنام وسوف يكون هناك إجماع في الرأي العام العالمي في مثل هذه الخطوة دون أيّ معارضة، وعند ذلك لن يكون العرب في موقف قوى يحسدون عليه إذا ما تمكنا من إن نضمن بعضاً منهم حلفاء لنا لإفشال أيّ مقاومة".

على الرغم من بعد زمن تلك المقولة ولكن تنفيذها يبدو قَدْ نجح فعلاً كما كان مخططاً له، إذا ما أردنا إن نضعها في مجهر تحليل ما حدث في الحرب العراقية الكويتية عام 1991م وما حدث في عام 1996م عندما هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية العراق وما حدث عام 1998م في ما يسمى بثعلب الصحراء وما انتهى إليه الحال في 13 مارس 2003م حين غزا الأمريكان العراق وأوقعوه تحت الاحتلال وعاش العراق ليومنا هذا تحت دوامة الاحتلال والضياع وانتهاء هيكلية الدولة بالكامل.

الولايات المتحدة الأمريكية مُنْذُ ذلك الحين لم تكن تعتني فقط في كيفية السيطرة على البترول بقدر ما تحاول تطبيق نظرية جيرالد فورد الرئيس غير المنتخب عندما ذكر ضرورة "أحداث مشاغبات وشق الصف"، وضمان من يوقف معهم من العرب كما فسرها كيسنجر لضمان تطبيق الاستراتيجية الغربية. ويبدو إن تطبيق تلك الاستراتيجية قَدْ جاءت أكثر وضوحاً في تصريح وزارة الدفاع الأمريكية في ربيع عام 1975م على لسان الناطق باسمها ألبرت وولستر الذي شجع احتلال المنطقة العربية ولكن بعد خلق أسباب وحروب تعزز تدخلنا (أيّ يعني الولايات المتحدة الأمريكية) كدعاة سلام لا احتلال. وهذه نقطة مهمة أُخرى دارت في فلكها وفود المعارضة العراقية قبل الاحتلال ورواد سياسة الاحتلال اليوم لإقناع الشعب العراقي بصفة خاصة بان الأمريكان دعاة سلام وتحرير لا دعاة حرب.

دون الالتفات للمستقبل وماهية الخطوة التالية لمخطط بات الأمريكان يعدون إليه العدة مُنْذُ عقود أربع أكل الدهر عليها، الغرض من ذلك كُلّ الغرض بالتأكيد دون أيّ تحليل استراتيجي هو إكمال آخر خيوط نسيج العنكبوت الصهيوني على المنطقة. تلك الخيوط التي بدأت تأخذ دوراً حقيقياً تطبيقياً مَعَ بداية امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية نتائج كيفية صنع القنبلة الذرية عن طريق يهودها المهجرين من قلب أوربا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:34

تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية لاحتلال الخليج العربي

لعل من أهم التصريحات التي اعتمدتها السياسة الأمريكية الخارجية هي تصريحات الصحفي جاك اندرسون المتخصص بالشؤون الاستخباراتية الشرق الأوسطية بصحيفة الواشنطن بوست حَيْثُ قال (125):

"ليس هناك صعوبة في الاستيلاء على منابع البترول في الدول العربية وليس هناك حاجة لاستعمال نووياتنا والدخول بشائكة مَعَ الاتحاد السوفيتي، فعلى سبيل المثال لاحتلال آبار ليبيا القريبة منا (يقصد القريبة من معسكرات حلف شمال الأطلسي في أوربا) لا نحتاج أكثر من فرقتين من مشاة البحرية".

استمرّ اندرسون في ربط الكيان الصهيوني باستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية بنفس مقاله. حَيْثُ أعطى الكيان الصهيوني أهمية ودوراً للاستيلاء على آبار البترول الكويتية. مما جعل مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك يذكر في مناسبات عديدة إن الجيش الإسرائيلي على استعداد لتلبية ما تأمره الولايات المتحدة الأمريكية. وأضاف إن كيانه قادر على احتلال آبار البترول دون أشغال الولايات المتحدة الأمريكية بنقل قواتها لمنطقة الخليج العربي أَو الشرق الأوسط عموماً. ولعلنا هنا نتوقف عند المقولة التي أدلى بها وزير الدفاع الإسرائيلي آريل شارون في حينها لكونه الآن يمثل رأس الخطة الأمريكية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط بعربها وغير عربها إذ صرح لجريدة يديعوت أحرونوت بقوله (126):

"لكي ننهي ما يسمى بالقضية الفلسطينية تَماماً ونسقط أُطروحة الضغط النفطي بيد العرب فأن جيشنا الإسرائيلي على استعداد إن يحتل الكويت مروراً بالأُردن، فالرحلة إِلى الكويت لا تستغرق أكثر من يومين. كما يمكنني إن أُكد لكم إن اختيارنا لهذا الطريق هو نابع من معرفتنا الجيدة بأنَّه ما من قوة يمكنها إن توقف زحف دباباتنا. إنني أُنبه الولايات المتحدة الأمريكية لأهمية الموضوع، فأن أصبح نفط الكويت بيدنا سوف لن يعود النفط سِلاحاً بيد العرب وسيصبح النفط عالمياً عندما يكون يهوديا".

التصريح الوارد أعلاه لآريل شارون يبين دون أيّ تعليق عمق العلاقة بين ما يحدث الآن في منطقة الشرق الأوسط وبين وجوده واعتبار نفسه أساساً ولاعباً رئيسياً لمعاونة الولايات المتحدة الأمريكية. فالولايات المتحدة الأمريكية يمكنها إن توعز إِلى الكيان الصهيوني للقيام بالمهمة، إلا إنها استراتيجياً لا تعتمد في تحقيق مصالحها على حلفائها وأصدقائها بقدر ما تحاول إن تقودهم هي لتحقيق مصالح الولايات المتحدة الأمريكية لإضفاء الطابع الشرعي الدولي عليها. وهو ما حدث بالفعل مُنْذُ بداية العقد الأخير للقرن العشرين وليومنا هذا.

لهذا السبب، لم تمرّ إلا أشهر معدودة على التصريحات الأمريكية الهادفة لاحتلال منابع البترول، حَتَّى تدفقت على المملكة العربية السعودية، الوفود الحكومية وممثلو المؤسسات البحثية المهتمة بواقع الشرق الأوسط والخليج العربي. وكانت بعض تلك المؤسسات رسمية وبعضها الآخر استطلاعية قيل إن أهدافها كانت تنصب في دراسة كيفية حماية المملكة العربية السعودية من عدوان محتمل دون إن تحدد هوية العدو. وكلفت الحكومة الأمريكية عام 1976م مؤسسة أمريكان انتربرايز بدراسة الأخطار التي تهدد منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية. وبعد إن عكف الباحثون على دراسة طبيعة المملكة والخليج من النواحي الاجتماعية والإثنية والاقتصادي، أرسلت مؤسسة أمريكان انتربرايز استنتاجاتها إِلى الإدارة الأمريكية التي أشعرتهم فيها بالمخاوف التي تراها تهدد أمن الخليج إذا لم تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية موقفاً سريعاً. وحدد مؤسسة أمريكان انتربرايز مخاوفها بالاحتمالات الآتية (127, 128):

1. يتواجد في منطقة الخليج العربي نتيجة للنهضة الاقتصادية أعداد كبيرة من العرب المثقفين والمتفتحة أفكارهم نحو الديمقراطية ومحاربة الاستعمار. وهو ما يخيف تأثيرهم على أبناء المجتمع الخليجي بصورة وأُخرى، وما سوف يعيد حالة عبد الناصر وأثره في المنطقة في العقدين المنصرمين. لذا ارتأت مؤسسة أمريكانا انتربرايز ضرورة استعمال الضغط العسكري بصورة سريعة لغرض إبدال هؤلاء العرب بأجانب من الدول الأسيوية. وبالتالي سوف نمنع ظهور العرب ومؤثراتهم على أبناء الخليج كقوة حقيقة ضدّ الغرب في الشارع الخليجي.

2. لَقَدْ تزايدت قوة الشاه بصورة ملفتة للنظر وصارت تهديداته تخيف دول المنطقة وعليه لابُدَ من العمل على عدم إعطائه فرصة لابتلاع تلك الدول وخاصة الصغيرة منها. وارتأت مؤسسة أمريكان انتربرايز بشدة ضرورة تغيير الشاه مَعَ نهاية العقد كي لا يؤثر على تلك الدول ويربطها بمواثيق وأحلاف لا يمكن للغرب إن يقاومها.

3. تعتبر اليمن منطقة قَدْ تسبب مشاكل مستقبلية للعربية السعودية، وبالتالي فيستوجب عدم إعطائها فرصة لبناء هيكلها الداخلي والعيش باستقرار. وعلى الولايات المتحدة الأمريكية مراعاة شيئين مهمين في ذلك، الأول أشغال اليمن بحروب والثاني عدم إعطائها فرصة لاستعادة منطقة عسير الغنية بالبترول. كي لا تتمتع باستقرار اقتصادي واجتماعي بما يؤثر سلباً على العربية السعودية.

4. على الرغم من تمتع الولايات المتحدة الأمريكية بعلاقة جيدة مَعَ النظام العراقي الحاكم، إلا إننا لا يمكن إن نضمن الشارع العراقي. وبالتالي فالعراق يشكل خطراً أساسياً في منطقة الخليج العربي لا يمكن تجاوزه أبداً. فلذا من الضروري العمل على إبطاء التطور فيه من كافة النواحي وخاصة التعليمية.

يبدو إن الإدارة الأمريكية كانت قَدْ راجعت دراسة مؤسسة أمريكان انتربرايز بصورة دقيقة وأخذت بالاستنتاجات وكيفية معالجة الأمور الخطيرة التي توقعتها والمذكورة سلفاً. إذ على أثرها أقدم الرئيس الأمريكي فورد على تطوير القاعدة الأمريكية في ديغو غارسيا الواقعة في المحيط الهندي. أعقبها وضع برنامج لإنشاء قواعد أمريكية على غرارها تكون ثابتة في المحيط الهندي وضمن مدى 48 ساعة كحد أدنى للوصول إِلى أبعد نقطة في مياه الخليج العربي. ولعل الرئيس الأمريكي المنتخب جيمي كارتر الذي تسلم إدارته عام 1977م لم يغفل مشاريع فورد التي لم تتجاوز فترتها الثلاث سنوات. فَقَدْ كانت أهم مهام كارتر هي إعادة لملمة الدراسات التي قدمتها الوفود والمؤسسات حول العربية السعودية ودول منطقة الخليج العربي. وعمل من خلالها على تطوير مشروع فورد الخاص بضرورة تطوير القواعد العسكرية الأمريكية القريبة من المنطقة الغنية في البترول، الغرض منها التدخّل السريع في أيّ عملية تراها الولايات المتحدة الأمريكية ضرورية لحماية مصالحها.



لَقَدْ كان كارتر أكثر واقعية ممن سبقه في اتخاذ القرار، لذا لم تمرّ أشهر قليلة على إدارته للولايات المتحدة الأمريكية حَتَّى قرر تشكيل ما يسمى قوة التدخّل السريع. وَقَدْ جاء في قرار تشكيلها (128):

"وهي قوة عسكرية الغرض من تشكيلها، استخدام تلك القوات كمظلة أمنية فوق الخليج العربي".



ولكن قرار التشكيل المعلن في آذار/مارس عام 1977م لم يكن كافياً للتطبيق دون أعداد دراسة بذلك، وعليه فَقَدْ كلّفت إدارة كارتر مباشرة بعد صدور قرار تشكيل قوة التدخّل السريع، مؤسسة راندا الأمريكية بوضع دراسة خاصة تتضمن كيفية معالجة الثورات المضادة في الخليج العربي. ويبدو من قرار التكليف إن هناك اعتبارات مستقبلية عديدة لدى الإدارة الأمريكية، قَدْ تكون أهمها العمل على تقوية شوكة العدو الصهيوني وبالتالي لابُدَ إن تكون هناك أساليب لردع الشارع العربي من النهوض كما كان في العقدين السابقين. وَقَدْ نجحت نوعاً ما في تحقيق ذلك خصوصاً عند غياب عبد الناصر عن الساحة حسبما صرح كارتر بنفسه لصحيفة الواشنطن بوست في خريف عام 1977م حين قال (129):

"تبدو مهمتنا أسهل للسيطرة على الشارع العربي الآن، لأن غياب عبد الناصر يسهل علينا العمل على انقسامه ليس لنصفين بل إِلى إنصاف عديدة".

على أية حال، فَقَدْ عكف غي بوكر بعد تكليف مؤسسة راند على وضع تلك الدراسة ضمن ما يسمى حلول السيطرة على الثورات المضادة لمنطقة الخليج العربي. وَقَدْ انتهى من إتمامها في نوفمبر عام 1977م وكانت ذات أهمية خاصة لكارتر على وجه الخصوص والإدارة الأمريكية عموماً. إذ تطرقت إِلى الترتيبات العسكرية التي من الضروري اتّباعها فوراً وتعزيز القطعات الأمريكية في القواعد القريبة من الخليج العربي، وذلك لاحتمال وقوع أزمة في النظام العالمي الجديد مَعَ مطلع الثمانينيات. إلا إن الغريب في الموضوع لم تبين دراسة بوكر ماهية الأسباب التي سوف تؤدي إِلى حدوث أزمة عند مطلع الثمانينيات ويبدو لي إنها معلومات استخباراتية وخطط مخابراتية أكثر من إن تكون استنتاجات بحث أكاديمي. لأن الأحداث تؤكد ضلوع الولايات المتحدة الأمريكية في تغيير أيّ نظام عالمي جديد. ويبدو لي أَيضاً إنّهم قَدْ نوهوا عن ماهية اتخاذ التدابير الموجبة إذا ما أرادوا رسم خريطة العالم الجديد. فجاءت نتائجه وفق ما كانت توده إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.

لَقَدْ باتت توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة كارتر أكثر وضوحاً بعد ما صرح وزير دفاعه آنذاك هارولد براون في الثاني من كانون الثاني عام 1978م، حين قال (130):

"إن على رؤساء الأركان في القوات المسلحة الأمريكية الاستعداد لخوض أكثر من حرب في الخليج العربي وحرب في أوربا"

أيّ إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تخطط وتنوي القيام بأكثر من حرب في الخليج العربي وحرب في أوربا. وأتوقع إن حرب أوربا كان المقصود منها حرب البوسنة، والتي شاركت فيها قوات التدخّل السريع بكثافة متناهية، بعد إن نجح أدائها في حرب الخليج الثانية.

لَقَدْ صاحب هذا العقد الكثير من الأحداث التي جعلت من الولايات المتحدة الأمريكية لا تغمض لها عين، ولعل أهم تلك الأحداث هي إما القريبة من الشرق الأوسط أَو في عمقها ولعلنا ندرج هنا أهمها:

1. نجاح الثورة الشعبية في أثيوبيا عام 1974م وإعلانها قيام علاقات تحالفية مَعَ الاتحاد السوفيتي. وأثيوبيا تعتبر منطقة حساسة لقربها من محيط مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط.

2. ظهور جبهة الصمود والتحدي التي ضمت كُلّ من سوريا واليمن (الديمقراطية) وليبيا والجزائر ومنظمة التحرير الفلسطينية. مما عزز عقد مؤتمر للشعب العربي ضَمَّ معظم الأحزاب والتنظيمات الوطنية واليسارية والقومية للوقوف بوجه كامب ديفيد.

3. الانقلاب الشيوعي في أفغانستان في أبريل عام 1978م وإرسال قوات عسكرية سوفيتية لحماية الانقلاب الأفغاني.

4. الثورة الإيرانية عام 1979م وظهورها في منطقة متقاربة مَعَ تواجد الاتحاد السوفيتي من جهة وقربها من منطقة حوض الخليج العربي من جهة أُخرى. والتي بما لا يقبل الشكّ سوف تؤدي إِلى تغيرات حساسة في المنطقة لا يمكن حساب عواقبها إذا لم يخطط لتقويضها وتوجيهها نحو هدف غير الهدف الذي انبثقت من أجله.

كُلّ هذه الأحداث وغيرها خارج منطقة الشرق الأوسط عجلت من اتخاذ الولايات المتحدة الأمريكية الوسائل اللازمة لمنع انتشار التغيرات من جهة ومنع تغلغل الاتحاد السوفيتي من جهة أُخرى. وبالاستناد إِلى تلك الأحداث سوف يتطرق البحث في عقد الثمانينات تغيرات الملحوظة للسياسة الخارجية الأمريكية بما يتناسب وخوفها على حفظ مصالحها في المنطقة.

مَعَ كُلّ هذه التغيرات لابُدَ إن نشير إِلى المنطقة العربية والخليجية بالذات هي الخاسر الأوحد والمستهدف من قبل الغرب والشرق. ولعل الصراع على تلك البقعة كما سنرى في الفصول القادمة قَدْ جعل من شعوب هذه المنطقة تدفع ثمن ذلك. لا لشيء سوى لتعزيز التحليلات التي إدراجها الباحثون الغربيون لحماية المصالح الأمريكية والتي أهمها أحداث حروب ومشاغبات لإعطائهم ذريعة التدخّل في شؤون المنطقة واحتلالها تدريجياً دون اللجوء لمواجهة حربية كبيرة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:35

الفصل التاسع


الاتفاقيات الدولية النووية في مرحلة الثمانينات والتغيرات الطارئة




انتهت العشر سنوات الأخيرة وهي حبلى بالأحداث الدولية والشرق أوسطية وخاصة تلك الاتفاقيات ما بين الدول الكبرى التي راح ضحيتها شعوب كثيرة مترامية في بقاع العالم الصغير الذي باتت ألعوبة الأقوياء. ولعل من أهم الاتفاقيات التي طلت على مناطق العالم الصغير المترامي هما اتفاقية سلت واحد واتفاقية سلت اثنان، تلك الاتفاقيتان اللتان حددتا امتلاك الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية كمية الصواريخ النووية ذات الرؤوس البعيدة والمتوسطة المدى الذاتية الحركة، والتي بموجبها حطمت الولايات المتحدة الأمريكية منظومتي صواريخ توم هوك Tomahawk وبرشنك اثنان Pershing II التي يمكنهما إصابة موسكو خلال عشرة دقائق وعلى بعد يتجاوز ألفي كيلومتر. أما الاتحاد السوفيتي فَقَدْ قام بموجب تلك الاتفاقيات بتحطيم منظومة الصواريخ من نوع إس إس عشرين SS-20 التي تمكنها من إصابة الهدف بدقة متناهية وبمدة لا تزيد عن ثمان دقائق فقط.

ولعل الكثير من المهتمين بالشؤون الدولية يرون المعاهدات السوفيتية الأمريكية الخاصة بتقليص أسلحة الدمار الشامل تهدف فقط لتقليل ترسانة الأسلحة النووية. وهذا بالتأكيد غير صحيح أجمالاً، فعلى الرغم من اختلاف المعسكرين الغربي والشرقي فكرياً والذي جرهما إِلى تطوير أسلحتهم التي أودت باقتصادياتهم إِلى مستوى لا يحسد عليه، كانا متفقين على وجوب التفاوض وتقاسم مناطق النفوذ العالمي من أجل انتعاش اقتصادهم وتعويض ما تَمَّ صرفه على تطوير أسلحتهم الفتاكة. وكانت هناك اتفاقيات سرية بحتة لتغيير وجه العالم اقتصادياً يكون مردوده جيداً على الغرب والاتحاد السوفيتي.

بينما كانت اتفاقية سلت واحد قَدْ وقعت وبدأت المفاوضات السوفيتية الأمريكية لإقرار بنود اتفاقية سلت اثنان، تعالت الأصوات الغربية للخروج من الأزمة الاقتصادية المتزامنة مَعَ ارتفاع أسعار البترول. ونوقش الأمر في مدينة برسل باجتماع حلف النيتو السنوي عام 1973م، والذي أكدت فيه الدول الغربية على ضرورة البحث عن أسواق عالمية كبيرة لتصريف منتجاتهم التسليحية التي قدرت قيمتها المالية بحوالي 89970,000 مليون دولار أمريكي (94,100). وبناءاً على مقررات أعضاء حلف النيتو عقد رؤساء الحكومات الغربية إضافة إِلى إسرائيل واستراليا وكندا وجنوب أفريقيا اجتماعاً خاصاً ومغلقاً في إيطاليا في السابع من كانون الثاني عام 1974م، تَمَّ فيه التباحث عن إيجاد صيغة تمكنهم من تصريف أسلحتهم المكدسة قبل أن تنافسهم الصين والاتحاد السوفيتي بذلك (94).

إلا أن هذه السرية التامة والتي امتنع فيها المجتمعون بالإدلاء بأيّ تصريح للصحافة كانت مفضوحة ومعلومة عند السوفيت وذلك حينما فاجأ ليونيد بريجنيف نظيره الأمريكي رتشارد نيكسون بالموضوع ذاته خلال اجتماعهم بجنيف في الخامس من آذار عام 1974م. وأعرب بريجنيف عن اهتمامه وحبه للتعاون في هذا المجال تحقيقاً للمنفعة الخاصة لكلا البلدين ومُؤكِّداً على ضرورة دراسة الموضوع من كُلّ جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لكون مثل هذا الموضوع يحتاج إِلى جوّ حربي مستمر قَدْ يعطل حركة وصول الخامات البترولية للغرب. كإشارة منه إِلى منطقة الخليج العربي (113 و 114). ثُمّ أضاف بريجنيف قائلاً بقوله (112,113):

"استناداً إِلى تلك المعلومات القليلة المتوفرة والغنية بأبعادها الاستراتيجية لكلا المعسكرين فأننا نرى أن منطقة الشرق الأوسط وخاصة الخليج مرشحة لأن تكون سوقاً لتصريف المعدات الحربية الغربية منها والشرقية نظراً لوفرة الأموال وتشابك المشاكل الناتجة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى".

فمن أجل تلك الترتيبات السوفيتية الأمريكية شهدت المنطقة مُنْذُ منتصف السبعينات حالات تغيير فكرية وسياسي. لكي تكون أرض حرب وسوق في أن واحد، مباشرة بعد توقيع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي اتفاقية سلت اثنان. وبهذا تكون إسرائيل وبعيداً عن المأساة قَدْ ضمنت انشغال أطراف الشرق الأوسط المعادين للصهيونية يحلون مشاكلهم التي لا حَلّ لها إلا بأصوات الرصاص وأزيز الطائرات المدفوعة فواتيرها من احتياط الأموال ذات الأرقام الزائفة في بنوك الدول الغربية. إضافة إِلى بيع نفطهم مقدماً لتسديد فواتير الأسلحة التي لا تنتهي، ناهيك عن التأخر الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وهبوط قيمة العملات لمنع أيّ نمو مستقبلي.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:35

كمية الأسلحة النووية عند الدول الكبرى


قبل الخوض في بحث الاتفاقيات الدولية النووية يجب أن نقف عند حجم القوة النووية المتواجدة على الكرة الأرضية مَعَ بداية هذا العقد والتي باتت تتزايد شيئاً فشيئاً بالرغم من الاتفاقيات الموقعة ما بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وتبني الأمم المتحدة بعضها من جهة أخرى. وعليه فيمكننا أن نقسم الإمكانية النووية الدولية (مستثنين الشرق الأوسط من ذلك) إِلى ثلاثة قوى وهي (98,115,116):



أولاً: القوة النووية الغربية

وتضم القوى الرئيسية في حلف النيتو فلكل منهم إمكانية نووية جديرة بالاهتمام يمكن حصرها كما يلي:

1. الولايات المتحدة الأمريكية: فمع بداية الثمانينات كانت الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك 1885 نوع من السلاح النووي الاستراتيجي البعيد المدى، حاملاً بمجموعه 7297 رأس نووي وبقابلية تدميري تقدر بحوالي 2202.8 ميغاطن megatons موزعة كالأتي:

- الصواريخ النووية المزروعة أرضا: تيتان Titan ومنيوتمان واحد Minuteman-1 ومنيوتمان اثنان Minuteman-2 ذوات المدى الواقع ما بين 11,000 إِلى 15,000 كيلومتر. حَيْثُ تبلغ بمجموعها 1045 صاروخ استراتيجي نووي ويطلق عليها اسم منظومة الصواريخ من نوع ICBM.

- الصواريخ النووية البحرية: بوسيدن Poseidon وترايدنت واحد Trident-1 ذوات المدى الواقع ما بين 4600 كيلومتر إِلى 7400 كيلومتر بحري. حَيْثُ يبلغ عددها 568 صاروخ نووي بحري ويطلق عليها منظومة الصواريخ من نوع SLBM.

- الصواريخ النووية المحمولة جوا: وهي التي تقوم بحملها الطائرات الأمريكية من نوع B-52 ذات المدى الواقع ما بين 9900 كيلومتر إِلى 16000 كيلومتر. حَيْثُ يبلغ عددها 272 صاروخ نووي جوي.

- وإضافة لما ذكر أعلاه من صواريخ بعيدة المدى، تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية ما يقارب 393 صاروخ استراتيجي ذاتي متوسط المدى حاملاً 393 رأس نووي وبقابلية تدميرية تقدر بحوالي 95.3 ميغاطن megatons وهي موزعة كالأتي:

-- الصواريخ النووية المزروعة أرضا: برشنك واحد Pershing-1 وبرشنك اثنان Pershing-2 وكروز Cruise BGM-109A ذوات المدى المتوسط الذي يصل إِلى 1800 كيلومتر. ويبلغ عدد تلك الصواريخ 149 صاروخ نووي.

-- الصواريخ النووية البحرية: كروز Cruise BGM-109 ذوات المدى المتوسط الذي يصل إِلى 2400 كيلومتر بحري. ويبلغ عدد تلك الصواريخ 44 صاروخ نووي.

-- الصواريخ النووية المحمولة جوا: كروز Cruise AGM-86B ذوات المدى المتوسط الذي يصل إِلى 2400 كيلومتر ويبلغ عدد تلك الصواريخ 200 صاروخ نووي.

- كما تمتلك أَيضاً سلاح نووي تكتيكي بقوة تدميرية تصل حوالي 234.7 ميغاطن megatons. فهناك ما يقارب 36 صاروخ أرضي بمدى 110 كيلومتر و 1140 صاروخ محمول جوّاً من نوع (SRAM - AGM-69A) تتراوح مدياتها ما بين 55 كيلومتر إِلى 160 كيلومتر، علاوة على امتلاكها 452 نوع من الآليات العسكرية القابلة لإطلاق القذائف النووية من نوع 203 mm Howitzers.

وبهذا نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك لوحدها ترسانة من السلاح النووي تقدر قيمتها التدميرية بحوالي 2532.8 megatons وهو ما يكفي لتدمير الكرة الأرضية ثلاثة مرات.

2. المملكة المتحدة: بالتأكيد لم تمتلك المملكة المتحدة إمكانية نووية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لاتجاهها في منتصف الستينات لتطوير الطاقة النووية السلمية بالاتفاق مَعَ الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن مَعَ هذا فبريطانيا تمتلك قوة نووية لا يستهان بها، إذ تقدر قوتها التدميرية بحوالي 40 megatons. فلبريطانيا أربع فرقاطات بحرية تحمل كُلّ منها 16 صاروخ حاملاً ثلاث رؤوس نووية.

3. فرنسا: تمتلك فرنسا قوة نووية أوربية كبيرة مقارنة بما تمتلكه بريطانيا والدول الأوربية الأخرى، فهي تمتلك 18 صاروخ نووي من نوع S-3 يصل مدى كُلّ صاروخ إِلى 330 كيلومتر. كما تمتلك ستة سفن بحرية حربية حاملة للسلاح النووي، وَكُلّ واحدة من تلك السفن تحمل ستة عشر صاروخ نووي من نوع M-20 يصل مداه إِلى 3000 كيلومتر بحري. إضافة إِلى عدد كبير من الآليات الحربية القابلة لحمل السلاح النووي التكتيكي. وبذلك ففرنسا بحوزتها سلاح نووي تقدر قوته النووية التدميرية بحوالي 133 megatons.

4. الدول الأوربية الغربية الأخرى: تمتلك الدول الأوربية الغربية الأخرى بما فيها إيطاليا وبلجيكا وهولندا وألمانية (الغربية آنذاك) قوة نووية خفيفة جداً وذلك لاتجاه دولهم للتطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية. تاركين مهمة الدفاع والتهديد بالسلاح النووي وتسليح حلف النيتو لفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وَمَعَ هذا فتلك الدول تمتلك مجتمعة أسلحة نووية فتاكة تقدر طاقتها التدميرية بحوالي 98 megatons.



ثانياً: القوة النووية الشرقية

لم تكن هناك قوة نووية تذكر لأيّ بلد من بلدان حلف وارشو لكون تلك الدول تعتمد بالأساس على القوة النووية السوفيتية الموزعة على طول حدودها مَعَ أوربا وبلدان حلف النيتو. فالاتحاد السوفيتي يمتلك 2521 صاروخ نووي استراتيجي بعيد المدى تحمل بمجموعها حوالي 8342 رأس نووي ولها قابلية تدميرية تقدر بحوالي 5112.4 megatons وهي موزعة كالآتي (114,115):

1. الصواريخ النووية المزروعة أرضا: SS-11, SS-13, SS-17, SS-18, SS-19 حَيْثُ تتراوح مدياتها ما بين 10,000 كيلومتر إِلى 11,000 كيلومتر.

2. الصواريخ النووية البحرية: ويمتلك الاتحاد السوفيتي أنواع كثيرة ومختلفة من الصواريخ البحرية الفتاكة والتي من بينها 9SS-N-3, SS-N-7, SS-N- SS-N-12, SS-N-14, SS-N-19, SS-N-22 ويقدر عددها حينذاك بحوالي 980 صاروخ بحري. وتتراوح مدياتها ما بين 1400 إِلى 8300 كيلومتر بحري.

3. الصواريخ النووية المحمولة جوا: تي يو 95 Tu-95 وميا أربعة Mya-4 ويمتلك الاتحاد السوفيتي من هذين النوعين حوالي 143 صاروخ نووي.

4. وبالإضافة إِلى امتلاك الاتحاد السوفيتي ما ذكرناه أعلاه فهو يمتلك عدد كبير من الصواريخ الاستراتيجية المتوسطة المدى من نوع SS-4, SS-5, SS-20 والتي قدرت بحوالي 599 صاروخ نووي تحمل بمجموعها 1320 رأس نووي وبطاقة تدميرية تقدر بحوالي 401 megatons. كما يمتلك الاتحاد السوفيتي أكثر من ثمانية آلاف رأس نووي حربي تكتيكي يمكن تحميله وإطلاقه بواسطة الآليات العسكرية المختلفة والتي تتراوح مدياتها ما بين 80 كيلومتر إِلى 170 كيلومتر وبطاقة تدميرية نووية تقدر بحوالي 856.6 megatons.



ثالثاً: الصين الشعبية

تمتلك الصين ما يقرب 100 صاروخ نووي من نوع CSS-3 يبلغ مداه أكثر بقليل جداً من 7000 كيلومتر وبطاقة تدميرية تصل إِلى 200 megatons. كما تمتلك الصين أسلحة نووية تكتيكية تتراوح مدياتها ما بين 50 كيلومتر إِلى 80 كيلومتر ولها طاقة تدميرية تصل إِلى 28 megatons.

واستناداً إِلى المعلومات النووية أعلاه يمكننا أن نستنتج أن مَعَ بداية هذا العقد وبعد تنفيذ اتفاقيتي سلت واحد وسلت اثنان، هناك ما يقارب 38000 رأس نووي موزعة ما بين حلف النيتو وحلف وارشو والصين الشعبية. كما أن طاقتها التفجيرية تقارب حوالي 10000 megatons وهو ما يعادل 600,000 مرة من القوة التدميرية لقنبلة هيروشيما الذرية. وعليه إذ ما حدثت أيّ حرب نووية تستعمل فيها عدة مئات من تلك الرؤوس النووية فهي كافية لإنهاء الحياة على هذا الكوكب الأزرق الصغير. ونظراً لخطورة الموقف النووي الدولي وخوفاً من أن تتمكن دول أخرى من إنتاج رؤوس نووية تضاف إِلى أعدادها الهائلة الموجودة في ترسانة المعسكرين الغربي والشرقي، فَقَدْ سارعت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي إِلى التباحث مجدداً بعد التوقيع على معاهدة سلت اثنان في عام 1979م.

ولعله كالمعتاد لم تعقد الاجتماعات الدورية السوفيتية الأمريكية للتآمر على العالم تحت مظلة الحَدّ من الأسلحة النووية أو ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل دون أن تدق طبول التوتر بين القوتين الكبريين. فلذا وبعد أقل من سنة من توقيع سلت اثنان راح وزير الدفاع الأمريكي هارولد براون Harold Brown في العشرين من آب عام 1980م مُحذراً من القوة النووية السوفيتية الموجهة لأوربا الغربية ومناشداً أعضاء النيتو على ضرورة العمل على مواجهة تلك القوة مما جعل الاتحاد السوفيتي يعلن موافقته للجلوس والتفاهم مَعَ الولايات المتحدة الأمريكية. وَمَعَ جلوس السوفيت والأمريكان للتفاوض في أكتوبر عام 1980م فَقَدْ استمرّت الاتهامات الإعلامية بين البلدين فتارة تصل حدّ اتهام كُلّ منهما بإشعال فتيل الفتنة لإنهاء العالم بحرب نووية وهذا ما جاء على لسان السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي يوري أندروف Yuri Andropov في الحادي والعشرين من كانون الأول عام 1981م، حَيْثُ اتهم الولايات المتحدة الأمريكية بتحريض أوربا الغربية للمواجهة مَعَ الاتحاد السوفيتي (98,117).

ولعل من أشدّ الخطابات الرنانة التي أثارت الرأي العام الأوربي وأربكها، هو خطاب وزير الدفاع الأمريكي كاسبر واين يبرغر في الرابع عشر من كانون الأول عام 1982م الذي اتهم فيه الاتحاد السوفيتي بالتخطيط لاحتلال بعض الدول الأوربية الغربية وضمها إِلى سلطته. مسبباً بذلك إيقاف الاجتماعات الدورية بين البلدين المعقودة مُنْذُ أكتوبر عام 1980م (98,1010).

مَعَ هذا التوتر الذي لا أحد بعد يعرف ما مدى صحته وما مدى أهدافه المؤثرة على السياسة الدولية حينذاك، راح الرئيس الأمريكي Roland Reagan رونالد ريغان في شباط عام 1983م معربا عن استعداد بلاده للجلوس والتفاوض مجدداً بشأن الحَدّ من الأسلحة النووية الفتاكة والأسلحة التقليدية الأخرى ضمن ما عرف بمحادثات تقليص الأسلحة الاستراتيجية (START) Strategic Arms Reduction Talks. مباشرة بعد أن فشلت مفاوضاتهم الأولية التي استمرّت مَعَ الاتحاد السوفيتي فترة طويلة قياساً بمحادثات معاهدة سلت واحد وسلت اثنان دون أن يتحقق أيّ تقدم يذكر لتحديد امتلاك كلا المعسكرين من الأسلحة النووية. وهو ما يعلل مدى التفاهم الذي كان حاصلاً ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في عهد الرئيس السوفيتي بريجنيف ووزير خارجيته كوسيجن. التفاهم الذي عزز نجاح الخطة الغربية التي أُتبِعت لتنحية خروشوف من منصب اتخاذ القرار في الاتحاد السوفيتي، الذي طالما عطل نشاط الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لبسط النفوذ على كافة بقاع العالم للاستحواذ والسيطرة على ما في بطون أراضي تلك الدول.

فالفتور الحاصل في المفاوضات الأمريكية السوفيتية خلال فترة رئاسة يوري أندروف Yuri Andropov والتي استمرّت لعدد من السنين، لم تعطل أَو تبطئ التقارب في وجهات النظر التي بدأت واضحة بين الطرفين من خلال تغير مجرى المباحثات بينهما بعد أشهر من استلام ميخائيل غرباتشوف Mikhail Gorbachev منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي. إذ أعلن غرباتشوف عن استعداده لتوقيع اتفاقية مَعَ الولايات المتحدة الأمريكية للحد من الأسلحة النووية المتوسطة المدى، مُؤكِّداً على ضرورة تفعيل الاقتراح الأمريكي المطروح في تشرين الثاني عام 1981م والمعروف باقتراح (Zero Option (118,119.

بناءاً على دعوة غرباتشوف سارع الأمريكان للتفاوض مَعَ الاتحاد السوفيتي وبحضور ممثل عن بريطانيا ولأول مرة في تاريخ المباحثات السوفيتية الأمريكية بعد حَلّ أزمة الصواريخ الكوبية، ونوقش في ذلك اللقاء إمكانية تقليص الصواريخ النووية المتوسطة المدى والتي تصل بمداها حَتَّى 5500 كيلومتر (119). ولم تمض أكثر من ستة أشهر على دعوة غرباتشوف للتفاوض مَعَ الولايات المتحدة الأمريكية بشأن السلاح النووي، حَتَّى بدأت ظواهر الاتفاق على ما يسمى باتفاقية القوة النووية المتوسطة المدى Intermediate-Range Nuclear Forces Treaty المعروفة باسم INF Treaty.

خلال منتصف تموز عام 1987م أيّ قبل التوقيع على الاتفاقية بخمسة أشهر فقط، وافق الاتحاد السوفيتي على تدمير كافة الصواريخ النووية المتوسطة المدى وليس تقليص أعدادها فحسب. كما وافق على اقتراح الولايات المتحدة الأمريكية المعروف بـ: Double-Zero Option والذي يتضمن تحطيم الصواريخ النووية القصيرة والمتوسطة المدى والتي تقع ضمن مدى ما بين 500 كم إِلى 5500 كم. وفي الأول من كانون الثاني عام 1987م كانت اتفاقية INF جاهزة من كُلّ الجوانب. فلذا طار غرباتشوف لواشنطن للقاء ريغان والتوقيع على المعاهدة في الثامن من كانون الأول عام 1987م. تلك المعاهدة التي نصت على ضرورة تدمير 2619 صاروخ نووي أمريكي وسوفيتي من نوع Pershing 1A, SS-12, SS-23. وشكلت كمية الصواريخ السوفيتية الواجب تدميرها ضمن اتفاقية INF ما يقارب ثلثي ما اتفق على تدميره (98,117,118).

بهذا تكون الولايات المتحدة الأمريكية قَدْ ضمنت هيمنتها على العالم كما أرادت في مرحلة الأربعينات خصوصاً بعد أن بدأ الاتحاد السوفيتي ينهار شيئاً فشيئاً. فكما معروف نتيجة للعبقرية الغرباتشوفية التي جعلت من الاتحاد السوفيتي مشكلة اقتصادية بعد أن كان قوة نووية مناهضة للغطرسة الأمريكية صار الاتحاد السوفيتي قبل انهياره لقمة سائغة يسهل ابتلاعها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
2009

مســـاعد أول
مســـاعد أول



الـبلد : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 01210
التسجيل : 10/01/2008
عدد المساهمات : 509
معدل النشاط : 60
التقييم : 1
الدبـــابة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
الطـــائرة : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11
المروحية : السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Unknow11

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty10

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Empty

مُساهمةموضوع: رد: السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط   السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط - صفحة 3 Icon_m10الأحد 16 مارس 2008 - 18:36

السياسة الدولية تجاه الشرق الأوسط في الثمانينات


مهما تكن أوجه الاختلاف والاتفاق ما بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية حول القضايا الدولية العالقة هنا وهناك والتي وصل بعضها حدّ الحروب المستمرة لأكثر من عقد ونصف كما حصل في الحرب الفيتنامية، فإنّ السياسة المتبعة تجاه الشرق الأوسط تختلف تَماماً من الناحية التكتيكية والمستقبلية لكلا المعسكرين. فلذا يمكن وصف سياسة المعسكرين تجاه الشرق الأوسط، مُنْذُ سقوط خروشوف عام 1964م وحَتَّى انهيار الاتحاد السوفيتي، بأنها سياسة تفاهم استراتيجية بين المعسكرين، لأهمية المنطقة الاقتصادية والحضارية والفكرية خاصة إذا ما عرفنا إن كلا المعسكرين يتخوف من السيطرة الفكرية الإسلامية التي باتت أمراً ملموساً خلال هذا العقد.

لذلك لم تخلو المباحثات السوفيتية والأمريكية الخاصة بنزع الأسلحة النووية من المناقشات والاتفاقيات الحادة الخاصة بضرورة تقاسم مناطق النفوذ أو دخول كلا المعسكرين السوق الشرق أوسطية من أوسع أبوابها. وهو ما حدث بالفعل كما ذكرنا سابقاً في محادثات سلت واحد وسلت اثنان. حَيْثُ اتفق الجانبان على ضرورة أيجاد سوق غنية لتصريف المنتجات العسكرية التي باتت تشكل عائقاً كبيراً سواء في التخزين أو تعويض ما انفق على تطويرها. وَمَعَ بروز أحداث التغيير السياسية في منطقة الشرق الأوسط وفق ما خطط له من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، إذ لم تكن شعوب المنطقة ولا قادتها ومحلليها الاستراتيجيين قَدْ تفهموا اللعبة الجديدة لتقويض المنطقة، بات لابُدَ من اتخاذ التدابير اللازمة لإنجاح المخطط.

لَقَدْ ظهرت في منطقة الشرق الأوسط بوادر توتر سياسية هنا وهناك كحالة العراق وإيران، وبرزت تكتلات اقتصادية عربية مفاجئة كالاتحاد العربي ما بين مصر والعراق والأُردن واليمن هدفها لتعمق الفراق السياسي أكثر من الفائدة الاقتصادية. وَمَعَ هذه الترتيبات والتغيرات السياسية والاقتصادية كان صوت الرئيس الأمريكي جيمي كارتر Jimmy Carter ووزير دفاعه هارولد براون تطرش الآذان مُنْذُ بداية عام 1978م بالتهديد باحتلال المنطقة النفطية فيما إذا كان ذلك ضرورياً لحماية المصالح الغربية في الخليج العربي. ولعل من أشدّ الخطابات عنفاً هو خطاب بروان في السادس من آذار عام 1980م الذي حدد فيه مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ضمن النقاط التالية (98,119, 131):

1. ضمان تدفق بترول الشرق الأوسط للدول الغربية وبصورة مستمرة ودقيقة.

2. العمل على إيقاف الزحف السوفيتي لمنطقة الشرق الأوسط.

3. ضمان استقرار أمن منطقة الشرق الأوسط.

4. العمل على تقوية نشاط المؤسسات الداعية لِحَلّ مشكلة الشرق الأوسط مَعَ التأكيد مراراً على ضرورة حماية أمن إسرائيل.

لم تتوقف المقولات الأمريكية والغربية عند هذا الحَدّ فحسب، بل بعد ثلاثة أيام من خطاب براون راح الرئيس الأمريكي جيمي كارتر مُؤكِّداً بتصريح للصحافة الأمريكية والعالمية بما يلي (98,131):

"أن أية محاولة لأية قوة ومهما كان نوعها للسيطرة على منطقة الخليج العربي يعني منازلتنا على مصالحنا في تلك المنطقة، فلذا نحن نحذر وبشدة من أننا إذا اضطررنا لحماية مصالحنا فسوف نسحق من يصارعنا بالقوة العسكرية التي تتمتع بها الولايات المتحدة الأمريكية".

كان في خطاب كارتر تحذيراً شديداً لإيران بعد أن ردد ساستها مراراً بضرورة تصدير ثورتهم خارج حدود دولتهم وبالتحديد إِلى منطقة الشرق الأوسط وخاصة الخليج العربي. فلذا بدأ الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية يعيدان دراسة سياستيهما الدولية وأهدافها تجاه منطقة الشرق الأوسط بسبب ظهور تهديد جديد لم تكن حساباتهم قَدْ أدركته عن نتائج سقوط الشاه الذي حافظ على استقرار المنطقة طوال سنوات حكمه. فَقَدْ شهدت بموجب ذلك، السياسة الدولية تجاه الشرق الأوسط تغيراً شاملاً. كان أولها على صعيد القرارات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الخاصة بتجريم إسرائيل بدءاً من دخولها لبنان إِلى ضرورة إعطاء الشعب العربي الفلسطيني حَقّ تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أراضيه المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967م. لَقَدْ ظهر في ذلك بعض التنازلات التكتيكية لما هو أعظم سوف يحدث لتتمكن نظرية سزلير التي ذكرناها سابقاً من إن تتأكد باستمالة بعضاً من الدول إِلى جانبها ليحدث اقتتال عربي-عربي.

نتيجة للتغيرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط وضمن التحضير الخاص لإيجاد سوق للأسلحة الغربية والشرقية فَقَدْ وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على دخول القوات السوفيتية إِلى أفغانستان بحجة حماية النظام الشيوعي المعلن في أفغانستان. وهذا ما مهد للولايات المتحدة الأمريكية دخول المنطقة الخليجية العربية تحت ذريعة الخوف من طلائع الشيوعية لدخول المنطقة بعد أن صاروا يبعدون عن مياه الخليج الدافئة مسافة 600 كيلومتر فقط إذ ما أراد الاتحاد السوفيتي أن يخترق إيران للوصول إِلى أهدافه (98, 132). وبينما نشبت الحرب العراقية الإيرانية كما خطط لها في منتصف السبعينات وباتت المليارات تنهار على الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية والغربية لقاء أسعار الصادرات الحربية للمنطقة، كانت الاجتماعات الدورية بين كبار الدول المستثمرة في الحرب العراقية الإيرانية تتوالى لوضع صيغ جديدة. وهي الصيغ التي تؤدي إِلى استمرار الحرب وامتصاص ما يمكن امتصاصه من الأموال المتكدسة في أغنى بقاع العالم.

كان مجلس الأمن الدولي، وبتوجيه من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، يصدر بيانات الشجب والاستنكار لإسرائيل، لدفع الأنظار العربية والإسلامية عن خطر إسرائيل التي باتت السياسة الدولية الغربية تتجه نحو الدعم والبناء لها لتكون قوة رائدة في المنطقة مستقبلاً. في حين بدأت التوجهات الغربية والشرقية المستفيدة تحاول الإبقاء على الانقسام الحاصل بين الدول العربية. وهو الانقسام الذي بات واضحاً لما بين مؤيداً لإيران ومؤيداً للعراق. الهدف منه ضمان استمرار دفع فواتير الأسلحة المتدفقة في المنطقة. فشهدت تلك الحقبة انفراجا لأول مرة من التعنت الأمريكي المزمن والمتضمن حماية إسرائيل من مغبة تجريمها وإجبارها دولياً على الامتثال لقوانين مجلس الأمن الهشّ البشّ الخاصة بالمنطقة العربية.

مَعَ كُلّ هذه التغيرات والانحطاط الذي صاحب منطقة الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل كانت أبواق المستثمرين تنطلق من هنا وهناك معلنة أن القوة المالية لتلك المنطقة تتحمل أن تستمر الحرب فيها بما لا يقل عن عقد من الزمان (131). في حين كان حكام المنطقة يغلب عليهم التعنت وضيق الفهم وتحديد مكامن الخطأ الذي أثر بما لا شكّ فيه على شعوب منطقة الشرق الأوسط. وبين تلك التصريحات المهتمة بجني ثمار تدفق النفط الكامن في آبار منطقة الحرب، دعا ريكن في العشرين من نيسان عام 1983م العالم لتبني قرار الأمم المتحدة الصادر عام 1975م الخاص بتحريم إنتاج واستعمال الأسلحة الكيميائية والبايولوجية (132). وكأنه نبه الدول المتحاربة إِلى ضرورة امتلاك مثل هذا السلاح لسهولة إنتاجه وسهولة تعبئته غير مبالياً بما سوف يحدثه استعمال مثل هكذا سلاح للبشرية المسالمة.

لاقى الإعلان الأمريكي ترحيبا كبيراً من الدول الأوربية وعلى الأخص كُلّ من الألمانيتين آنذاك وبلغاريا ويوغسلافيا وإيطاليا وبدأت تلك الدول تدعوا إِلى ضرورة تدمير الأسلحة الكيميائية والبايولوجية. واصفة من يجرأ على تصنيعها بعدم الإحساس بالإنسانية ويروم تدمير الحضارات وذلك لسهولة تصنيعها وشراسة قوة تدميرها (133, 134). ولم يتوقف إعلام تلك الدول الذي استمرّ لأسابيع متتالية يتحدث عن التكنيك وكيفية تصنيعها، بل تعدى استصحاب قنواتهم الإذاعية والتلفازية خبرائهم القدامى لشرح مدى تمكن تلك الدول في السابق من إنتاجها وتحميلها على الأسلحة العادية (135).

وخلال أشهر قليلة من الحملة الإعلامية الخاصة بتدمير وتحريم استعمال وإنتاج الأسلحة الكيميائية والبايولوجية، وقع ساسة الحرب الأغبياء في مصيدة الاستدراج بالإيحاء النفسي. حَيْثُ شهدت عواصم تلك الدول وفود عراقية وإيرانية وليبية وسورية وتارة تجار حرب للتفاوض معهم نيابة عن هذه الدولة أو تلك للظفر بما كان مكدس في مخازن الحرب العالمية الثانية من أجهزة ومعدات أكل الدهر عليها وتجشأ. وبهذا تكون الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وفرنسا وبريطانيا قَدْ جعلت الخير يعم على الكُلّ وأعطوا حلفائهم فرصة الاستفادة من الحرب الخليجية لتنمية اقتصادهم والنهوض بشعوبهم نحو مستقبل أفضل (134,135).

بينما بدأ العالم يتذوق حلاوة استمرار الحرب العراقية الإيرانية (باستثناء دول المنطقة) كان لابُدَ من أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بشيء ما لرعاية طفلها المدلل في الشرق الأوسط حَتَّى يكون صحياً وقادراً على تنفيذ المهمات التي قَدْ تنيط به في المستقبل. فانبرى الاقتصاديون الأمريكان يدرسون السبل والإمكانيات المتاحة لجعل إسرائيل ترتوي من بئر الأموال العربية بعد أن ارتوت من سفك دمائهم. وعليه فَقَدْ وقعت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في الثلاثين من تشرين الثاني عام 1983م اتفاقية استراتيجية نصت في إحدى فقراتها على قيام الولايات المتحدة الأمريكية بنقل عدد من معاملها العسكرية الإنتاجية وتخزين أسلحة ثقيلة بكميات كبيرة في إسرائيل. وذلك لحاجة الولايات المتحدة الأمريكية لها كما جاء على لسان وزير دفاعها آنذاك حين قال (136):

"مَعَ نهاية هذا العقد سوف تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية إِلى قيادة وتوزيع قطعاتها العسكرية وأسلحتها الاستراتيجية من مواقعها في الأراضي الإسرائيلية".

ونصت تلك الاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على ضرورة التعجيل ببناء معامل لإنتاج السلع الاستهلاكية المدنية في فترة لا تتجاوز مطلع عام 1985م، على أن تحمل تلك السلع علامة الإنتاج الأمريكي، لضمان تصديرها إِلى منطقة الشرق الأوسط حَيْثُ بات الطلب التجاري يتزايد فيها نتيجة للحرب العراقية الإيرانية. كما لم يغفل الاتفاق بالإشارة إِلى ضرورة تأهيل إسرائيل لأن تلعب الدور الاقتصادي الملموس في منطقة الشرق الأوسط مَعَ إطلالة العقد القادم (98,135,136). ويبدو لنا إن هذه الاتفاقية ذات أهمية قصوى وذات علاقة متماسة لما حدث مَعَ اجتياح العراق للكويت في الأول من آب 1990م وحَتَّى كتابة هذه السطور التي تبين مدى عمق التخطيط الاستراتيجي الذي انتهى باحتلال العراق وإخضاعه للسيطرة الأمريكية. وهنا يتضح أن السياسية الدولية الأمريكية واتجاهاتها الحربية يخطط لها قبل أوانها بعقد أو أكثر إذ ما تابعنا حوادثها المتتالية ليومنا هذا وما خلفته من نتائج تبدو كانت مدروسة ومحبوكة بقوة جمّة.

لَقَدْ بدا الاتفاق السوفيتي الأمريكي واضحاً نحو ما يجب أن يكون، أو لابُدَ من أن يكون في منطقة الشرق الأوسط على الرغم من خلافهما في قضايا دولية كثيرة. فعلى صعيد الاتفاقات الملفتة للنظر فوجئت المنطقة العربية بالبروتوكولات التجارية الموقعة ما بين الاتحاد السوفيتي والمملكة المغربية. تبعها ذلك في السابع من نيسان عام 1981م زيارة مفاجئة والأولى من نوعها لوزير الخارجية الكويتي صباح الأحمد الجابر الصباح للاتحاد السوفيتي. وأصدر الجانبان بعد سلسلة قصيرة من الاجتماعات بياناً عبرا فيه على ضرورة تعاون البلدين في كافة المجالات. كما أكد الطرفان على ضرورة تحطيم كافة المفاعلات النووية في منطقة الخليج العربي كإشارة إِلى ضرورة تخلي العراق وسورية وإيران عن مفاعلاتها الفتية.

ولم يغفل الطرفان التأكيد والاستنكار للعمليات الهادفة لدعوة القوات الأجنبية للتواجد في مياه الخليج العربي ورفضا رفضاً باتاً أيّ مسعى لذلك، ولعل الكويت أول من دعا القوات الأمريكية والبريطانية للمنطقة مَعَ بداية عام 1984م لحماية ناقلات النفط من الهجمات الإيرانية. ولأجل إسكات الاتحاد السوفيتي عما حدث من تواجد أمريكي وبطلب كويتي وتجاوز الأمور المتفق عليها مسبقاً، طار الأحمد مرة ثانية إِلى الاتحاد السوفيتي وهيأ عقداً مَعَ الاتحاد السوفيتي لشراء أسلحة من بينها صواريخ أرض - أرض وأرض جوّ بقيمة تقدر ب 327 مليون دولار أمريكي. حَيْثُ تَمَّ التوقيع على تلك الاتفاقية في الخامس عشر من آب عام 1984م في موسكو (98,138,139).

ولعل هنا لابُدَ إن نبين أنَّه بالرغم من كُلّ تلك الترتيبات الغربية في منطقة الشرق الأوسط لاستقبال مرحلة التسعينات بشيء جديد ومفاجئ، فشل تواجد القوات الأمريكية في لبنان أمام التحدي الرافض لتواجدهم. وفر الأمريكان من لبنان بانكسار واضح أثّرَ في نفوس الساسة والعسكريين على حدّ سواء. إذ جعلهم يعيدون النظر بما خطط كي يصلوا لمخرج من هذه الأزمة التي لم تكن في الحسبان. فعلاوة على الخيبة في لبنان راح ريغان معبراً بإصرار عن ضرورة التواجد الأمريكي في المنطقة وذلك إيماناً منه بان الشرق الأوسط يمثل لهم مسألة استراتيجية وسياسية واقتصادية كبيرة. وبعد تصريح الغبطة الريغانية راحت الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن مواطئ قدم في مناطق شرق أوسطية لا تكون أقل فائدة من تواجدهم في لبنان.

وبناء على ذلك شهدت القواعد التركية تجهيزاً وتحصيناً عسكرياً كبير جداً قدرت إمكانية تحملها لما يقارب 140 ألف عسكري من مختلف الأصناف مُجهّزين بكامل تجهيزاتهم. واتسعت المعسكرات التركية المطورة لتستوعب أكثر من 250 ألف عسكري في حالات الطوارئ. وتبين مدى أهمية هذا التطوير للمعسكرات التركية الذي انتهى مَعَ ديسمبر 1987م، وخاصة القريبة من الحدود العراقية عام 1991م. عندما حشدت الولايات المتحدة الأمريكية في تلك المناطق قواتها محاولة من خلالها غزو العراق. ومن الغرابة أن نرى الاتحاد السوفيتي يأخذ الأمر ببرودة لم يسبق لها مثيل في حين كان قبل ذلك يقوم الدنيا ويقعدها إذ ما زاد عدد تواجد قوات حلف النيتو عن العدد المقرر في اتفاق خروشوف - كندي والذي أقرته اتفاقيتا سلت واحد وسلت اثنان (98,135,140).

لم تكتفِ الولايات المتحدة الأمريكية بتلك الترتيبات الغريبة فقط، بل قامت بإنشاء قاعدة عسكرية جوية ومركز مراقبة تجسسي في مصر مَعَ بداية عام 1983م، بلغت تكاليف إنشائه 70 مليون دولار أمريكي. وعلى الرغم من إنكار الحكومة المصرية لوجود تلك القاعدة الأمريكية التي كانت تقع في منطقة رأس بناس Ras Banas في البحر الأحمر قرب الحدود السودانية المصرية فَقَدْ افتضح الأمر في نهاية شباط عام 1983م عندما صرح القائد العسكري رتشارد في سكند Major-General Richard V. Second الذي كان يشغل منصب نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى وشمال آسيا حينذاك إذ قال في إحدى اجتماعات مجلس الأمن القومي الأمريكي (98,140):

"لَقَدْ أكملت القوة الجوية الأمريكية بناء قاعدة أمريكية سرية في مصر بلغت تكاليف تجهيزاتها العسكرية 70 مليون دولار ولدينا فيها ما يقارب 100 عسكري تابع للقوة الجوية الأمريكية. وَقَدْ قمنا بخزن معدات وأجهزة تصنت ومراقبة مهمة جداً في تلك القاعدة، وأنها قاعدة ذات أهمية كبيرة للعمليات الاستخباراتية والعسكرية السرية جداً، إضافة لكونها تستعمل للسيطرة ومتابعة مهام عمل الأواكس في الشرق الأوسط. لَقَدْ حافظنا على سرية القاعدة هذه وذلك بطلب من الحكومة المصرية."

وَمَعَ إدلاء القائد العسكري رتشارد سكند بما في حوزته من أسرار ظهرت خيوط القاعدة الأمريكية السرية الأخرى التي أنشأها ساسة الولايات المتحدة الأمريكية في المغرب والتي بلغت تكاليفها ما يقارب 95 مليون دولار أمريكي. إذ تتمتع بنفس الإمكانيات التي تتمتع بها القاعدة الأمريكية في مصر (98,139). وَقَدْ لعبتا تلك القاعدتان السريتان الأمريكيتان في مصر والمغرب دوراً كبيراً في ضرب ليبيا عام 1986م لقاء منحة مالية لمصر قدرة ب 988 مليون دولار أمريكي ومنحة للمغرب قدرها 238 مليون دولار أمريكي. كما كان لهما دوراً كبيراً في حرب الخليج الثانية عام 1991م وبالطبع لقاء كرم أمريكي كبير محفوف بعين السلامة المدعومة بصكوك دول الخليج العربي التي تجاوزت ألف ضعف لما دفع لمصر والمغرب وغيرها (141).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 6انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية

 مواضيع مماثلة

-
» أسلحة الدمار الشامل.. انتشارها وأثرها الإستراتيجي في الشرق الأوسط
» تقرير: شبح الحرب يطغى على منطقة الشرق الأوسط
» دلالات ورؤى حول التسليح الروسي في منطقة الشرق الأوسط
»  أهم صفقات التسلّح في منطقة الشرق الأوسط خلال 2017
» لماذا لا تبني السعودية أكبر جيش في منطقة الشرق الأوسط؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام الاداريـــة :: الأرشيف-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019